SAMAR
05-16-2021, 01:19 AM
مفاهيم قرآنية
الإيجابية تأتي بخير
آية من كتاب الله عز وجل نعيش في رحابها، ونقف على مفاهيمها، ونستطلع دلالاتها العميقة، وهي تدعو لعنوان جامع كبير يؤكده القرآن الكريم في جل آياته، وتؤكده السنة النبوية المطهرة وسير المصلحين في كل زمان ومكان.
قال تعالى في سورة النحل الآية 76: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾؛ مقارنة بين شخصيتين متناقضتين في المجتمع تراهما بجلاء وتلمس آثارهما بوضوح الأول منهما سلبي والآخر إيجابي.
فالأول: ﴿ أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ [النحل: 76]، والثاني: ﴿ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 76].
فرق هائل في الأخلاق والسلوك وفي الصفات والتصرفات، كالفرق بين الحي والميت، وبين الظلام والنور، وبين الظل والحرور.
الأبكم: عاجز عن الكلام -هكذا في القاموس- ولكنه هنا عاجز ٌعجزًا إراديًّا، فهو يستطيع الكلام ولكنه لا يتكلم بالحق ولا يأمر بالعدل، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
ولَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ: لا يفعل شيءينفعه أو ينفع غيره من الناس.
وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ: اتكالية قاتلة، وعالة على مجتمعه في كل شؤونه.
لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ: لا يعود بشيءفيه خير لا له ولا لغيره.
فإذا عرفنا السلبي بأنه العاجز تمامًا عن كل قول أو فعل ينفع فيه نفسه أو الناس، فإن الإيجابي ليس فيه من هذه الصفات شيء فهو يتكلم ويفعل المعروف وليس حملًا على أحد ويأتيبالخير لنفسه ولغيره، كما أنه يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم.
وفي هذا السياق من المهم إيضاح معنى الإيجابية من خلال الجمع بين معاني السلبية وضدها، وبضدها تتبين الأشياء، فالإيجابية إذًا حركة ذاتية تنشأ عن حياة القلب لإقامة العدل وإصلاح الناس ليكونوا على صراط مستقيم، أو هي حركة حرب ضد الظلم ﴿ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾ وتعبيد الناس لله رب العالمين وتوجيههم نحو الاستقامة ﴿ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
وبالمقارنة بين الرجلين نرى السلبّي (الأبكم) غير فعَّال في نفسه ولا في أسرته ولا مجتمعه، أما الإيجابي فهو فعًّال ومؤثر، وتأتي ومفردة (العدل) بقوتها اللفظية ودلالاتها التنفيذية كمنهج قويم للشخص الإيجابي، فلابد أن يكون عادلًا في نفسه ومع غيره وإلا لن تتحقق له هذه الصفة ولن يكون على صراط مستقيم.
إن الأمر بالعدل حركة مجتمعية كبيرة تقود نحو التحرر من السلبية وظلم الناس والقيام بالحقوق والواجبات في كل شؤون الحياة، فالعدل يبدأ من بيتك وبين أطفالك وينتهي بالحكم العادل الذي تُساس به الأمة ويحمي لكل أفرادها حياتهم ودينهم وأموالهم وأعراضهم.
الإيجابية تستدعي المبادرة لكل قولٍ جميل وفعلٍ جميل ينفع الناس ولو كان قبل نهاية العالم بثوانٍ معدودة: (إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، وهذا الهدهد يسافر دون تكليف ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 22] فأسلمت تلك الأمة بسببه لله رب العالمين.
الإيجابية موقف متين في زمن الفتن فالصديق يقف شامخًا: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، وفي مواجهة الردة: "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه الى رسول الله لقاتلتهم عليه".
الإيجابية بذل وعطاء عن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهَّز جيشَ العُسرةِ فنثَرها في حِجرِه. قال عبد الرحمن: فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين".
الإيجابية كلمة بيان وإنذار وقت الخطر؛ ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18].
الإيجابية تضحية وصبر لأجل الله وتنفيذ أوامره؛ ﴿ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].
الإيجابية ثبات في زمن الفتن وصمود أمام الصعوبات والمغريات مهما كانت (يا عماه، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته).
وختامًا لا بد لنا من لمحة سريعة عن معاول هدم الإيجابية، وهي في ذات الوقت أعمدة السلبية التي نستعيذ الله صباحًا ومساءً منها فقد علمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن ندعو بهذا الدعاءاللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وهي ثمانية مهلكة مقعدة تتجلى فيها السلبية وفي عكسها الإيجابية.
الهم والحزن، تدمير داخلي للنفس البشرية، واحباط وإقعاد، وانشغال ذاتي يجعل الانسان كلًا على غيره.
والعجز والكسل هما ركنا الفشل، ومبررات القاعدين، فمن ابتلى بهما خاب وخسر، ولن ينفع نفسه ولا غيره.
والجبن والبخل، مرضان يجعلا الإنسان في دائرته الضيقة فلا شجاعة تجعله مقداما، ولا كرم يرجى منه العطاء.
أما غلبة الدين وقهر الرجال فهما معولان بهما تهان الكرامة ولا إيجابية لمديون مقهور.
فاللهم إنا نعوذ بك من ذلك كله، ونسألك العافية من كل معول هدم لنفوسنا أو أعمالنا أو كرامتنا، واجعلنا اللهم ممن يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم.
الإيجابية تأتي بخير
آية من كتاب الله عز وجل نعيش في رحابها، ونقف على مفاهيمها، ونستطلع دلالاتها العميقة، وهي تدعو لعنوان جامع كبير يؤكده القرآن الكريم في جل آياته، وتؤكده السنة النبوية المطهرة وسير المصلحين في كل زمان ومكان.
قال تعالى في سورة النحل الآية 76: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾؛ مقارنة بين شخصيتين متناقضتين في المجتمع تراهما بجلاء وتلمس آثارهما بوضوح الأول منهما سلبي والآخر إيجابي.
فالأول: ﴿ أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ [النحل: 76]، والثاني: ﴿ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 76].
فرق هائل في الأخلاق والسلوك وفي الصفات والتصرفات، كالفرق بين الحي والميت، وبين الظلام والنور، وبين الظل والحرور.
الأبكم: عاجز عن الكلام -هكذا في القاموس- ولكنه هنا عاجز ٌعجزًا إراديًّا، فهو يستطيع الكلام ولكنه لا يتكلم بالحق ولا يأمر بالعدل، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
ولَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ: لا يفعل شيءينفعه أو ينفع غيره من الناس.
وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ: اتكالية قاتلة، وعالة على مجتمعه في كل شؤونه.
لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ: لا يعود بشيءفيه خير لا له ولا لغيره.
فإذا عرفنا السلبي بأنه العاجز تمامًا عن كل قول أو فعل ينفع فيه نفسه أو الناس، فإن الإيجابي ليس فيه من هذه الصفات شيء فهو يتكلم ويفعل المعروف وليس حملًا على أحد ويأتيبالخير لنفسه ولغيره، كما أنه يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم.
وفي هذا السياق من المهم إيضاح معنى الإيجابية من خلال الجمع بين معاني السلبية وضدها، وبضدها تتبين الأشياء، فالإيجابية إذًا حركة ذاتية تنشأ عن حياة القلب لإقامة العدل وإصلاح الناس ليكونوا على صراط مستقيم، أو هي حركة حرب ضد الظلم ﴿ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾ وتعبيد الناس لله رب العالمين وتوجيههم نحو الاستقامة ﴿ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
وبالمقارنة بين الرجلين نرى السلبّي (الأبكم) غير فعَّال في نفسه ولا في أسرته ولا مجتمعه، أما الإيجابي فهو فعًّال ومؤثر، وتأتي ومفردة (العدل) بقوتها اللفظية ودلالاتها التنفيذية كمنهج قويم للشخص الإيجابي، فلابد أن يكون عادلًا في نفسه ومع غيره وإلا لن تتحقق له هذه الصفة ولن يكون على صراط مستقيم.
إن الأمر بالعدل حركة مجتمعية كبيرة تقود نحو التحرر من السلبية وظلم الناس والقيام بالحقوق والواجبات في كل شؤون الحياة، فالعدل يبدأ من بيتك وبين أطفالك وينتهي بالحكم العادل الذي تُساس به الأمة ويحمي لكل أفرادها حياتهم ودينهم وأموالهم وأعراضهم.
الإيجابية تستدعي المبادرة لكل قولٍ جميل وفعلٍ جميل ينفع الناس ولو كان قبل نهاية العالم بثوانٍ معدودة: (إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، وهذا الهدهد يسافر دون تكليف ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 22] فأسلمت تلك الأمة بسببه لله رب العالمين.
الإيجابية موقف متين في زمن الفتن فالصديق يقف شامخًا: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، وفي مواجهة الردة: "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه الى رسول الله لقاتلتهم عليه".
الإيجابية بذل وعطاء عن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهَّز جيشَ العُسرةِ فنثَرها في حِجرِه. قال عبد الرحمن: فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين".
الإيجابية كلمة بيان وإنذار وقت الخطر؛ ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18].
الإيجابية تضحية وصبر لأجل الله وتنفيذ أوامره؛ ﴿ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].
الإيجابية ثبات في زمن الفتن وصمود أمام الصعوبات والمغريات مهما كانت (يا عماه، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته).
وختامًا لا بد لنا من لمحة سريعة عن معاول هدم الإيجابية، وهي في ذات الوقت أعمدة السلبية التي نستعيذ الله صباحًا ومساءً منها فقد علمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن ندعو بهذا الدعاءاللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وهي ثمانية مهلكة مقعدة تتجلى فيها السلبية وفي عكسها الإيجابية.
الهم والحزن، تدمير داخلي للنفس البشرية، واحباط وإقعاد، وانشغال ذاتي يجعل الانسان كلًا على غيره.
والعجز والكسل هما ركنا الفشل، ومبررات القاعدين، فمن ابتلى بهما خاب وخسر، ولن ينفع نفسه ولا غيره.
والجبن والبخل، مرضان يجعلا الإنسان في دائرته الضيقة فلا شجاعة تجعله مقداما، ولا كرم يرجى منه العطاء.
أما غلبة الدين وقهر الرجال فهما معولان بهما تهان الكرامة ولا إيجابية لمديون مقهور.
فاللهم إنا نعوذ بك من ذلك كله، ونسألك العافية من كل معول هدم لنفوسنا أو أعمالنا أو كرامتنا، واجعلنا اللهم ممن يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم.