عيسى العنزي
06-21-2021, 03:36 PM
لم يأمر النبي الغفاري: الرَسُول أبا ذر (رض) باللحاق بقومه، ودعوتهم الى الاسلام، إلا لأنه توسم فيه صفات الكمال، لما يتمتع به من روح عالية، وثبات لا يتزعزع، وتفان في العقيدة. فوجده أهلا لأن يقوم بدور من هذا النوع، والاسلام يمر بأدق المراحل وأخطرها.
نحن نعلم أن النبي صلوات الله عليه كان ـ في بدء رسالته المباركة ـ يحتاج الى مزيد من المؤيدين والأعوان في داخل مكة، وفي خارجها. في داخل مكة، لتقوية الصف فيها، وليمنع نفسه من قريش! وفي خارج مكة، لنشر مبادئ هذا الدين الجديد الحنيف، واستقطاب أكبر عدد ممكن من الأفراد المسلمين كي ينهض بهذا الأمر جهرة وعلى الصعيد العام، وتكون لديه القوة الكافية لصد أعدائه الذين يتربصون به الغيلة ويخططون للقضاء عليه وعلى الرسالة في مهدها.
لقد آثر النبي الغفاري: الرَسُول إيفاد أبي ذر الى قومه بني غفار، على بقائه معه، لثقته العالية بأنه سينجح في نشر الاسلام بينهم.
وهذا ما حصل، فقد نجح أبو ذر في ذلك، فقد أسلم نصف قومه على يده، وأسلم النصف الباقي عند مجيء النبي الغفاري: الرَسُول الى المدينة كما اسلفنا.
وبقي أبو ذر بينهم فترة طويلة. لم يحضر في خلالها غزاة بدر ولا أحد، ولا الخندق (كما تقول الروايات)، بقي بينهم في خندق الجهاد الآخر، حيث كان يفقههم في دينهم، ويعلمهم أحكام الاسلام، وهذا جهاد يحتاج الى عزيمة وحكمة ودراية ونفس طويل.
وليس من الوارد في ذهن من يعرف أبا ذر، أن يعتقد بتخلفه عن هذه الغزوات الثلاث بمحض ارادته واختياره، بل من المؤكد أن تخلفه عنها، وبقاؤه في قومه إنما كان بإيعاز من الرسول الكريم الغفاري: الرَسُول. والجهاد بالسيف مقرون مع الجهاد في اللسان، بتعليم الناس أحكام دينهم، وتفقيههم بها. بعد تعلمها من رسول الله الغفاري: الرَسُول.
قال تعالى: (وما كانَ المؤمنونَ لِينفورا كافِّة فَلولا نَفَر مِن كُل فِرقة مِنهم طَائِفَة لِيَتفقَّهوا في الدِّين وليُنذِروا قَومَهم اذا رَجِعوا اليهم لَعَلَّهم يَحذرون) 9 ـ 122.
قضى أبو ذر، فترة بين بني قومه، ثم عاد ليصحب النبي الغفاري: الرَسُول ويأخذ عنه العلم والمعارف والحكمة.
وقد حظي من رسول الله الغفاري: الرَسُول بالاهتمام الكبير، والعناية الخاصة. فقد كان رسول الله الغفاري: الرَسُول يبتدئه بالسؤال والكلام اذا حضر، ويسأل عنه اذا غاب.
فعن ابي الدرداء قال: «كان النبي الغفاري: الرَسُول يبتدئ أبا ذر اذا حضر، ويتفقده اذا غاب» (1).
ويظهر من بعض الأخبار انه الغفاري: الرَسُول كان يمازحه، كما كان هو يمازح النبي صلوات الله عليه وهذا إن دل على شيء، فانما يدل على مكانته الخاصة لدى النبي الغفاري: الرَسُول.
فقد روي انه قدم الى المدينة، فلما رآه النبي قال له: « أنت أبو نملة!
فقال: أنا أبو ذر.
قال الغفاري: الرَسُول: نعم، أبو ذر (2).
وعن الصادق الغفاري: الرَسُول، قال:
طلب أبو ذر رسول الله الغفاري: الرَسُول، فقيل إنه في حائط (بستان) كذا وكذا.
فتوجه في طلبه، فوجده نائماً، فأعظمه أن ينبهه. فأراد أن يستبرئ نومه من يقظته، فتناول عسيباً يابساً، فكسره ليسمعه صوته. فسمعه رسول الله الغفاري: الرَسُول فرفع رأسه فقال:
يا أبا ذر، تخدعني. أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي، كما أراكم في يقظتي! إن عينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي (3)!!
وكان في صحبته للنبي الغفاري: الرَسُول حريصاً على اقتباس العلوم، فكان يغتنم الفرصة في ذلك، ويحدثنا هو عن نفسه، فيقول:
لقد سألت النبي الغفاري: الرَسُول عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصى (في الصلاة)، فقال: مسَّه مرة، أو دع (4).
وقال: لقد تركنا رسول الله الغفاري: الرَسُول وما يحرك طائر جناحيه في السماء، إلا ذكَّرنا منه علما (5).
وقال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله الغفاري: الرَسُول في مسجده، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلا رسول الله الغفاري: الرَسُول، وعلي الغفاري: الرَسُول جالس الى جانبه، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أوصني بوصية ينفعني الله بها.
فقال الغفاري: الرَسُول: نعم، واكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل البيت.. (6) وقد ذكرت وصيته بكاملها في آخر الكتاب، وهي من عظيم كلامه الغفاري: الرَسُول، وتصلح أن تكون بذاتها موضوعاً مستقلا يدرس.
وفي ميدان معارفه وعلومه التي اكتسبها من النبي الغفاري: الرَسُول نذكر ما قاله أمير المؤمنين علي الغفاري: الرَسُول حين سئل عن أبي ذر. فروي أنه قال في ذلك:
وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه، فلم يخرج شيئاً منه (7). وانما أوكأ أبو ذر على ذلك العلم، ومنعه عن الناس، لأنه لا تحتمله عقولهم.
وفي رواية أخرى عن علي الغفاري: الرَسُول، فيه:
«وعى علما عُجز فيه، وكان شحيحاً حريصاً على دينه، حريصا على العلم، وكان يكثر السؤال، فيُعطى ويَمنع، أما ان قد ملئ في وعائه حتى امتلأ » (8).
وجاء عن كتاب حلية الأولياء: في هذا الصدد:
كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه، للرسول الغفاري: الرَسُول ملازما وجليسا، وعلى مسائلته والاقتباس منه حريصا، وللقيام على ما استفاد منه أنيسا، سأله عن الأصول والفروع، وسأله عن الايمان والاحسان، وسأله عن رؤية ربه تعالى، وسأله عن أحب الكلام الى الله تعالى، وسأله عن ليلة القدر أترفع مع الأنبياء، أم تبقى؟ وسأله عن كل شيء حتى مس الحصى في الصلاة (9). الخ.
وقد منحه النبي الغفاري: الرَسُول أوسمة عالية أهمها:
قوله الغفاري: الرَسُول: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ومن سرّه أن ينظر الى تواضع عيسى بن مريم، فلينظر الى أبي ذر (10).
وقد سئل الإمام الصادق الغفاري: الرَسُول عن صحة هذا الحديث، فصدَّقه.
ففي معاني الأخبار بسنده، عن رجل. قال:
قلت لأبي عبد الله الغفاري: الرَسُول: أليس قال رسول الله الغفاري: الرَسُول في أبي ذر ـ رحمة الله عليه ـ ما أظلَّت الخضراء، ولا أقلَّت الغبراء على ذي لهجة، أصدق من أبي ذر؟
قال: بلى.
نحن نعلم أن النبي صلوات الله عليه كان ـ في بدء رسالته المباركة ـ يحتاج الى مزيد من المؤيدين والأعوان في داخل مكة، وفي خارجها. في داخل مكة، لتقوية الصف فيها، وليمنع نفسه من قريش! وفي خارج مكة، لنشر مبادئ هذا الدين الجديد الحنيف، واستقطاب أكبر عدد ممكن من الأفراد المسلمين كي ينهض بهذا الأمر جهرة وعلى الصعيد العام، وتكون لديه القوة الكافية لصد أعدائه الذين يتربصون به الغيلة ويخططون للقضاء عليه وعلى الرسالة في مهدها.
لقد آثر النبي الغفاري: الرَسُول إيفاد أبي ذر الى قومه بني غفار، على بقائه معه، لثقته العالية بأنه سينجح في نشر الاسلام بينهم.
وهذا ما حصل، فقد نجح أبو ذر في ذلك، فقد أسلم نصف قومه على يده، وأسلم النصف الباقي عند مجيء النبي الغفاري: الرَسُول الى المدينة كما اسلفنا.
وبقي أبو ذر بينهم فترة طويلة. لم يحضر في خلالها غزاة بدر ولا أحد، ولا الخندق (كما تقول الروايات)، بقي بينهم في خندق الجهاد الآخر، حيث كان يفقههم في دينهم، ويعلمهم أحكام الاسلام، وهذا جهاد يحتاج الى عزيمة وحكمة ودراية ونفس طويل.
وليس من الوارد في ذهن من يعرف أبا ذر، أن يعتقد بتخلفه عن هذه الغزوات الثلاث بمحض ارادته واختياره، بل من المؤكد أن تخلفه عنها، وبقاؤه في قومه إنما كان بإيعاز من الرسول الكريم الغفاري: الرَسُول. والجهاد بالسيف مقرون مع الجهاد في اللسان، بتعليم الناس أحكام دينهم، وتفقيههم بها. بعد تعلمها من رسول الله الغفاري: الرَسُول.
قال تعالى: (وما كانَ المؤمنونَ لِينفورا كافِّة فَلولا نَفَر مِن كُل فِرقة مِنهم طَائِفَة لِيَتفقَّهوا في الدِّين وليُنذِروا قَومَهم اذا رَجِعوا اليهم لَعَلَّهم يَحذرون) 9 ـ 122.
قضى أبو ذر، فترة بين بني قومه، ثم عاد ليصحب النبي الغفاري: الرَسُول ويأخذ عنه العلم والمعارف والحكمة.
وقد حظي من رسول الله الغفاري: الرَسُول بالاهتمام الكبير، والعناية الخاصة. فقد كان رسول الله الغفاري: الرَسُول يبتدئه بالسؤال والكلام اذا حضر، ويسأل عنه اذا غاب.
فعن ابي الدرداء قال: «كان النبي الغفاري: الرَسُول يبتدئ أبا ذر اذا حضر، ويتفقده اذا غاب» (1).
ويظهر من بعض الأخبار انه الغفاري: الرَسُول كان يمازحه، كما كان هو يمازح النبي صلوات الله عليه وهذا إن دل على شيء، فانما يدل على مكانته الخاصة لدى النبي الغفاري: الرَسُول.
فقد روي انه قدم الى المدينة، فلما رآه النبي قال له: « أنت أبو نملة!
فقال: أنا أبو ذر.
قال الغفاري: الرَسُول: نعم، أبو ذر (2).
وعن الصادق الغفاري: الرَسُول، قال:
طلب أبو ذر رسول الله الغفاري: الرَسُول، فقيل إنه في حائط (بستان) كذا وكذا.
فتوجه في طلبه، فوجده نائماً، فأعظمه أن ينبهه. فأراد أن يستبرئ نومه من يقظته، فتناول عسيباً يابساً، فكسره ليسمعه صوته. فسمعه رسول الله الغفاري: الرَسُول فرفع رأسه فقال:
يا أبا ذر، تخدعني. أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي، كما أراكم في يقظتي! إن عينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي (3)!!
وكان في صحبته للنبي الغفاري: الرَسُول حريصاً على اقتباس العلوم، فكان يغتنم الفرصة في ذلك، ويحدثنا هو عن نفسه، فيقول:
لقد سألت النبي الغفاري: الرَسُول عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصى (في الصلاة)، فقال: مسَّه مرة، أو دع (4).
وقال: لقد تركنا رسول الله الغفاري: الرَسُول وما يحرك طائر جناحيه في السماء، إلا ذكَّرنا منه علما (5).
وقال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله الغفاري: الرَسُول في مسجده، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلا رسول الله الغفاري: الرَسُول، وعلي الغفاري: الرَسُول جالس الى جانبه، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أوصني بوصية ينفعني الله بها.
فقال الغفاري: الرَسُول: نعم، واكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل البيت.. (6) وقد ذكرت وصيته بكاملها في آخر الكتاب، وهي من عظيم كلامه الغفاري: الرَسُول، وتصلح أن تكون بذاتها موضوعاً مستقلا يدرس.
وفي ميدان معارفه وعلومه التي اكتسبها من النبي الغفاري: الرَسُول نذكر ما قاله أمير المؤمنين علي الغفاري: الرَسُول حين سئل عن أبي ذر. فروي أنه قال في ذلك:
وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه، فلم يخرج شيئاً منه (7). وانما أوكأ أبو ذر على ذلك العلم، ومنعه عن الناس، لأنه لا تحتمله عقولهم.
وفي رواية أخرى عن علي الغفاري: الرَسُول، فيه:
«وعى علما عُجز فيه، وكان شحيحاً حريصاً على دينه، حريصا على العلم، وكان يكثر السؤال، فيُعطى ويَمنع، أما ان قد ملئ في وعائه حتى امتلأ » (8).
وجاء عن كتاب حلية الأولياء: في هذا الصدد:
كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه، للرسول الغفاري: الرَسُول ملازما وجليسا، وعلى مسائلته والاقتباس منه حريصا، وللقيام على ما استفاد منه أنيسا، سأله عن الأصول والفروع، وسأله عن الايمان والاحسان، وسأله عن رؤية ربه تعالى، وسأله عن أحب الكلام الى الله تعالى، وسأله عن ليلة القدر أترفع مع الأنبياء، أم تبقى؟ وسأله عن كل شيء حتى مس الحصى في الصلاة (9). الخ.
وقد منحه النبي الغفاري: الرَسُول أوسمة عالية أهمها:
قوله الغفاري: الرَسُول: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ومن سرّه أن ينظر الى تواضع عيسى بن مريم، فلينظر الى أبي ذر (10).
وقد سئل الإمام الصادق الغفاري: الرَسُول عن صحة هذا الحديث، فصدَّقه.
ففي معاني الأخبار بسنده، عن رجل. قال:
قلت لأبي عبد الله الغفاري: الرَسُول: أليس قال رسول الله الغفاري: الرَسُول في أبي ذر ـ رحمة الله عليه ـ ما أظلَّت الخضراء، ولا أقلَّت الغبراء على ذي لهجة، أصدق من أبي ذر؟
قال: بلى.