تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع سورة المزمل


قصايد
06-30-2021, 07:29 PM
وقفة مع سورة المزمل

https://j.top4top.io/p_15450n93w3.gif (https://top4top.io/)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبدالله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإن أول ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق سورة (اقرأ) ، التي تحث في مجمل آياتها على فضل العلم وتعلمه ، ذلك العلم الباعث على الهدى ، والمعين عليه ، وهو العلم عن الله المبلغ عن طريق رسوله عليه الصلاة والسلام ؛ أمرًا ونهيًا وتوحيدًا ، ولعبادته على الوجه الذي أمر به والاستقامة عليه.

ثم نزلت سورة المدثر (قم فأنذر) ؛ فبعد العلم تكون الدعوة إليه ونشره ، وهو محض فريضة على عباد الله ؛ فمنهم من يُعلم العلم ، ومنهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ فهو ليس أمرًا اختياريًّا إن شاء العبد فعله وإن شاء تركه ؛ لقوله تعالى في سورة فصلت : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] وقوله تعالى في سورة آل عمران : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104]

والعلم والدعوة إليه متلازمان لا ينفكان ؛ فلا يفتر المؤمن عن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال رحلة حياته ، التي يستمر بها متعلمًا وعاملًا ، عابدًا وداعيًا .

ومما يطرأ على العباد بمختلف مشاربهم وتعدد مستويات علمهم ودعوتهم : نوازع النفس وحظوظها ، التي تدعوهم إلى العجب بعد ثناء الناس عليهم أو إعجابهم بأنفسهم ؛ فتجد العالم والمتعلم منهم على حد السواء منخرطًا في الدروس والمحاضرات والأنشطة والفعاليات ، وهو فضل كبير بلا شك ، إلا أن هذا الفضل قد تشوبه شوائب الرياء أو العُجب ؛ فالنية - ومحلها القلب - متقلبة ، والثبات والإخلاص مطلب عزيز ظفر به من منَّ الله عليه من صفوة عباده ، الذين راقبوا الله سرًّا وعلانية ، واجتهدوا بعد الاستعانة به عز وجل في تحقيق هذا المطلب العظيم .

وفي سورة المزمل إشارات عظيمة إلى هذه المعاني وأحوال المؤمن مع الإخلاص ( قُمِ الليْلَ إلَّا قَلِيلًا )؛ فمن ذا الذي يقوى على قيام الليل بعد نهار طويل من الكد أو التعلم والتعليم والدعوة ، وقد رأى أنه أحسن عمل نهاره فاكتفى به ؟!

ومن ذا الذي يقوى على تلك العبادة التي لا رياء يشوبها ولا ثناء عليها ولا تشجيع من العباد معها ؛ فترى المؤمن يتخفى فيها ليخلو بربه ويناجيه ؛ فلا عين تبصره ولا لسان يشكره إلا عين الله تعالى .

فالإخلاص الذي يزمل المؤمن ليلًا في وقت السكون والركون ، والذي يدعوه إلى هجر فراشه وترك التلذذ بالراحة وتحقيق أجلِّ معاني العبودية في قيام الليل وإحيائه بالصلاة والذكر وترتيل القرآن ( وَرَتِّلِ الْقُرآنَ تَرْتِيلًا ) .

فشرف المؤمن قيامه بالليل ، وقد أثنى الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه المجيد على قوام الليل المتعبدين فيه : {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات]

وهنا تتجلى فضيلة ذكر الله على سائر الأعمال التعبدية ؛ لما كان حظها من الرياء كاد أن يكون معدومًا ؛ فخير العبادة ما كان مستترًا عن عيون الخلق كما جاء في الأخبار عن المتصدق الذي لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .

وقيام الليل يورث نورًا في القلب ، وسكينة في الجوارح ، واطمئنانًا يغمر صاحبه ؛ فبه تتحقق العبودية الخالصة ، وبه يُستعان على شدائد الأمور ومصاعب الدعوة وطريقها الوعر ؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس قيامًا في الليل ، وكان ذلك متوافقًا مع كونه أشد الناس همًّا وأثقلهم حملًا للدعوة والتبليغ .

{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل] فهذا القرآن الكريم ثقيل بثقل كلام الله عز وجل وما يحمله من شرائع ، المتمثلة بالفرائض والحدود والأوامر والنواهي ، وما يتطلبه من مجاهدة للنفس والشيطان للقيام به ليلًا ، وقال ابن المبارك : " إن ما ثَقُل في الدنيا يُثقل الميزان يوم القيامة " . ( أشد وطئًا ) أي أشد استقامة واستمرارًا على الصواب .

{إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيل} [المزمل: 7] والسبح - كما جاء في القرطبي - الجري والدوران ، أي فلك يا محمد ولقومك معك في النهار ما يشغلكم من أمور الحياة والسعي في الأرض من طلب رزق أو دعوة ذهابًا ومجيئًا ، أفلا يكون لنا بعد هذا الخطاب والوقوف على بعض أسراره حظ من عبادة السر وتحصيل الشرف ليلًا ؟!

الحقيقة أن لسورة المزمل شجونًا طويلة في نفوس المؤمنين ، والفوائد منها كسائر سور القرآن الكريم لا تنقطع ، وللسورة وقفات وأسرار قد يضيق بنا المجال في الوقوف عليها جميعًا ، وبما سبق نكتفي سائلين المولى عز وجل أن يجعلنا من أهل الشرف والعزة أصحاب الخلوات المباركة بقيام الليل وإحيائه بالذكر ، والتزمل ...ائه الساتر عن بواعث الرياء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

https://j.top4top.io/p_15450n93w3.gif (https://top4top.io/)

عيسى العنزي
06-30-2021, 10:25 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

SAMAR
07-01-2021, 12:58 AM
http://www.karom.net/up/uploads/132809046910.gif

عواد الهران
07-01-2021, 06:38 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

غريب
07-01-2021, 09:38 AM
الله يجزاك خير ويجعل ما قدمت في موازين اعمالك ../

حلا ليالي
07-01-2021, 02:23 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

الجريحه
07-02-2021, 02:20 PM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وأنار الله دربك بالإيمان
يعطيك العافيه على الطرح

أبو محـمد
07-02-2021, 02:29 PM
بارك الله فيكم ولجهودكم
باقات من الشكر والتقدير
وجزاكم الفردوس الاعلى ان شاء الله
وجعله في ميزان حسناتكم
لكم تقديري واحترامي

عابر سبيل
07-03-2021, 03:46 AM
قصايد


أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
http://www.wadifatima.net/vb/imgcache/11175.imgcache.gif

قصايد
07-19-2021, 05:55 AM
كل الشكر لكم ولهذا المرور الجميل
الله يعطيكم العافية يارب
خالص مودتي لكم

imported_ريآن
08-23-2021, 09:31 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان