المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الربع الثالث من سورة الأنفال كاملا بأسلوب بسيط


نزف القلم
08-01-2021, 01:29 AM
• الآية 41: ﴿ وَاعْلَمُوا ﴾ أيها المؤمنون ﴿ أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾: أي إنكم إذا فزتم بشيءٍ من الغنائم وأنتم تجاهدون في سبيل اللهِ: ﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾: يعني فإنّ خُمس هذه الغنيمة يُقسَّم كالآتي: (الجزء الأول لله وللرسول، فيُجعَل في مصالح المسلمين العامة ويُنفَق منه أيضاً على الكعبة وسائر المساجد، والجزء الثاني لأقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو عبد المُطَّلِب (فقد جُعِل لهمذلك الجزء من الغنيمة مكان الصدقة لأن الصدقة لا تَحِلُّ لهم)، والجزء الثالث لليتامى، والرابع للمساكين،والخامس للمسافر المحتاج للنفقة).
• وأما الأربعة أخماس الباقين من الغنيمة: فإنها توَزَّع على المقاتلين الذين حضروا المعركة، بحيثُ يُعطَى الفارس (وهو الذي كان يقاتل راكباً على فرسه) ضعف ما يأخذ الراجل (وهو الذي كان يقاتل واقفاً على رجليه)، وذلك لِمَا للفارس مِن تأثير في الحرب، ولأنّ فرسه يحتاج إلى نفقة علف.
• فارْضوا بهذه القسمة التي شرعها اللهُ لكم ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾: يعني إن كنتم مقرِّين بتوحيد الله، مُطيعينَله، مؤمنين بما أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والمَدَدوالنصر ﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ أي يوم بدر (الذي فَرَق اللهُ فيه بين الحق والباطل) ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ أي جَمْعُ المؤمنينوجَمْعُ المشركين، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ فكما قدَرَ سبحانه على نَصْركم رغمَ قِلَّتِكُم، وعلى هزيمة عدوكم رغمَ كثرتهم، فكذلك هو قادرٌ على كل شيءٍ يريده.
• الآية 42: ﴿ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا ﴾ (هذا تذكيرٌ للمؤمنين بساحة المعركة، التي ظهر فيها لُطف اللهِ تعالى بهم، حيثُ كان المشركون - في بادئ الأمر - يتميزون عنهم بحُسن الموقع، ثم قلَبَ اللهُ تعالى الكِفَّة لتكون في صالح المؤمنين، فقال لهم: اذكروا نعمة اللهِ عليكم حينما كنتم على حافة الوادي الأقرب إلى "المدينة" (وقد كانت أرضاً رملية تغوص فيها الأقدام)، ﴿ وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ﴾: يعني وكان عدوكم نازلاً بالحافة الأبعد عن "المدينة" (وكانت أرضاً صلبة)، فلمَّا سبقهم جيش المشركين إليها، اغتمَّ المسلمون، فلمَّا أرسل اللهُ المطر: أصبحت الأرض الرملية - التي نزل بهاالمسلمون - قويَّة متماسكة (فلم تَعُقْ المسلمين عن المَسير)، وأصبحت الأرض الصلبة - التي نزلتْ بهاقريش - زَلقة(فعَطَّلتْهم عن المَسير) فلم يبلغوابئر بدرإلا بعد أن وصل المسلمون إليه، فعندئذٍ اختار المسلمون أحسن موقع، واتخذوا حوضاً يكفيهم من الماء، فكان المسلمون يشربون، ولا يَجد المشركون ماءً.
﴿ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ﴾: أي واذكروا حينما كانت قافلة قريش التجارية - التي خرجتم مِن أجلها - في مكانٍ أسفلَ منكم (ناحية شاطئ "البحر الأحمر") بقيادة أبي سفيان، وبالتالي فقد كنتم مُحاصَرين بجماعتين من المشركين (جيشأبي جهل مِن ناحية،وأبي سفيان ومَن معه مِن ناحيةٍ أخرى)، فلو فَطِنَ العدو لهذا الوضع، لَطَوَّقَ جيشالمسلمين من الناحيتين، ولكنَّ اللهَ صرفهم عن التَفَطُّن لذلك، وكذلك صَرَفَ المسلمين عن محاولة الهجوم على القافلة، حتى لا يقعوا بين جماعتين من العدو، فللهِ الحمدُ والمِنّة.
﴿ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ﴾: يعني ولو حاولتم أيها المسلمون أن تضعوا موعدًا لهذا اللقاء بهذه الصورة لَتأخرتم - بل ولَتخلفتم - عن الميعاد، لأسبابٍ تقتضي ذلك (منها أنكم قِلَّة وهم كَثرة)، ﴿ وَلَكِنْ ﴾ اللهُ جَمَعَكم في وادٍ واحد على غير ميعادٍ ﴿ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ﴾ - أي لابد مِن وقوعه - وهو نَصْر أوليائه وخِذْلان أعدائه، وذلك ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ ﴾ من المشركين ﴿ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾: أي عن حُجَّةٍ ظهرتْ له وقطعتْ عُذره أمامَ الله، إذ اتضَّحَ له - بعدما رأى الآيات يوم بدر - أنّ المشركين على باطلٍ وضلال، ثم رَضِيَ بذلك الباطل واستمر عليه، ﴿ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾: يعني ولِيحيا مَننجا مِن المشركين عن حُجَّةٍ ظهرتْ له، فعَلِمَ ساعتَهَا أن الإسلامَ حق، وأن الرسولَ حق، وذلك بما أرَى اللّهُ الطائفتين من الأدلة والبراهين، ما يَتعظُ به المشركون، ويَزدادُ به الذين آمنوا إيماناً، ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ ﴾ لأقوال الفريقين، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بأفعالهم
• الآية 43: ﴿ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ﴾: أي اذكر - أيها النبي - حينما أراكَ اللهُ قِلَّة عدد عدوك في منامك، فأخبرتَ المؤمنينبذلك، فقَوِيَتْ قلوبُهم، واجترؤوا على حَرْبهم، ﴿ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ ﴾ أي لَترددأصحابك في مُلاقاتهم، ولَخافوا مِن لقائهم، ﴿ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾: أي ولاَختلفتم في أمر القتال، ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ﴾ منالفشل، ونجَّاكم مِن عاقبةِ ذلك، ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾: أي إنه سبحانه عليمٌ بخفايا القلوب وطبائع النفوس.
• الآية 44: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا ﴾: يعني واذكروا أيضًا حينما ظهر أعداؤكم في أرض المعركة، فرأيتموهم قليلين فاجترأتمعليهم، ﴿ وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ﴾:يعني وقلَّلكم ربكم - أيها المؤمنون - في أعين المشركين، ليتركوا الاستعداد لِحَربكم (هذا قبل الالتحام، أما بعد الالتحام فقد رأى المشركونَ المؤمنين مِثلَيْهِم - أي يَزيدون عليهم في العدد زيادة كبيرة تبلغالضِعف -، وذلك حتى تتم هزيمتهم).
• وقد كان ذلك التدبير الإلهي ﴿ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ﴾: أي ليتحقق وَعْدُ اللهِ لكم بالنصر، فإنه سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون، ﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾: يعني وإلى اللهِ وحده تصير الأمور كلها، فما شاءَ منها كان، وما لم يَشأهُ لم يكن، فليس لأحدٍ فيها تأثير إلا بإذنهِ سبحانه.
• الآية 45: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً ﴾ أي إذا لقيتم جماعةً مِن أهلالكفر قد استعدوا لقتالكم ﴿ فَاثْبُتُوا ﴾ ولا تفِرُّوا منهم، وكونوا في صمودكم كالجبال الشامخة ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ مُكَبِّرين داعين مُتضَرِّعين لإنزال النصر عليكم؛ ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: أي لكي تفوزوا بالنصر في الدنيا وبالجنة في الآخرة.
• الآية 46: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ والتزموا هذه الطاعة في جميع أحوالكم، ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾: أي ولا تختلفوا - وأنتم في مواجهة العدو - فتتفرق كلمتكموتختلف قلوبكم، وتذهب قوتكم، ﴿ وَاصْبِرُوا ﴾ عند لقاء العدو ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ بِالعَوْن والنصر والتأييد
•الآية 47: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا ﴾: أي ولا تكونوا مِثل المشركين الذين خرجوا ﴿ مِنْ دِيَارِهِمْ ﴾ أي مِن بلدهم، وقد خرجوا ﴿ بَطَرًا ﴾: أي كِبرًا، مِن أجل العُلُوّ في الأرض، ﴿ وَرِئَاءَ النَّاسِ ﴾: يعني ولِيَراهم الناس ويَفتَخِروا بقوّتهم.
• ثم ذكر تعالى مقصودهم الأعظم من هذا الخروج فقال: ﴿ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: أي إنهم خرجوا لإظهار قوتهم أمام الناس لِيُخَوّفوهم من الدخول في دين الله، ولِيُرغِموهم على عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويُعذبوا مَن أجابَ دَعْوَته، ﴿ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ لا يَغيبُ عنه شيءٌ مِن أفعالهم وأقوالهم، وسيُعاقبهم على ذلك أشد العقوبة.
• الآية 48: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾: يعني واذكروا حين حَسَّن الشيطانُ للمشركين أمْرَ إنقاذ القافلة وقتال المسلمين، ﴿ وَقَالَ ﴾ لهم: ﴿ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ﴾: يعني لنيَغلبكم اليوم أَحَد، فإني ناصركم عليهم، (وكان الشيطان في هذه الساعة في صورة رجل من أشراف القوم)، ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ ﴾: أي فلما تقابل الفريقان - المشركون ومعهمالشيطان، والمسلمون ومعهم الملائكة -: ﴿ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ ﴾: أي رجع الشيطان إلى الوراءِ هارباً من المعركة، ﴿ وَقَالَ ﴾ للمشركين: ﴿ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ﴾ من الملائكة الذين جاؤوا مَددًا للمسلمين﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ﴾: أي أخافُ أن يُعاجلني بالعقوبة في الدنيا ﴿ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾، فكانَ خِذلانُالشيطان للمشركين: تقديراً من اللهِ تعالى لِيُتِمّ النصرَ للمسلمين.
• الآية 49: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ - وهم ضِعاف الإيمان - عندما رأوا خروجَ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بدر: ﴿ غَرَّ هَؤُلَاء ﴾ المسلمين ﴿ دِينُهُمْ ﴾ فعَرَّضهم للمَهالك، وجَرَّأهم على الخروج لقتال قريش وهي تفوقهم عدداً وسلاحاً.
• ولم يُدركهؤلاء المنافقون أنه ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ ويَثِقْ بنصْره، ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ ﴾ لن يَخذله، إنه سبحانه ﴿ عَزِيزٌ ﴾ لا يَغلبه أحد، ولا يمنعه أحد عن فِعل ما يريد ﴿ حَكِيمٌ ﴾ يَضع النصر لِمَن يَستحقه.
• الآية 50، والآية 51: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ ﴾: يعني ولو أنك - أيها الرسول - أبْصَرتَهؤلاء الكفار يوم بدر - وقتَ انتزاع الملائكةِ لأرواحهم - لَرأيتَ أمرًا فظيعاً، إذ ﴿ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ أي يَضربونهم مِن أمامهم ومِن خلفِهم، ﴿ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾: أي ويقولون لهم: ذوقوا العذاب الشديد المُحرِق.
• وقد اختلف المفسرون في المُراد مِن قوْل الملائكة لهم - وهم في السَكَرات -: (وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) فمنهم مَن قال: (كان مع الملائكة يوم بدر مقامع من حديد،كلما ضربوا المشركين بها، التهبتْ النار في جراحاتهم فتحرق أجسادهم)، ومنهم مَن قال بأنّ المُراد هو إخبارُهُم بأنهم سيذوقون عذاب الحريق عندما يدخلون جهنم في الآخرة، وهذا كقوله تعالى:﴿ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾، فهو بِشارةٌ لهم من الملائكة بعذابٍ أدهَى وأمَرّ مما هم فيهِ لِيَزدادوا حسرةً، واللهُ أعلم (واعلم أن هذا السِياق، وإن كان قد حدث في غزوة "بدر"، إلاَّ إنه عامٌّ في حق كلِّ كافر وقت السَكَرات).
• ثم تقول الملائكة لهم: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي ذلك التعذيب هو ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾: أي بسبب كُفركم وأعمالكم السيئة في حياتكم الدنيا، وليس بظلمٍ مِن اللهِ لكم، لأنّ اللهَ تعالى هو الحَكَمُ العدل، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ فلايَظلم سبحانه أحدًا مِن خَلْقه مثقال ذرة، قال تعالى في الحديث القدسي - كما في صحيح مسلم -: "يا عبادي إني حرّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينكم مُحَرَّماً فلا تَظَالَموا".
• الآية 52: ﴿ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ ﴾: يعني:إنّ شأنَ كفار قريش في تكذيبهم وما نزل بهم من العذاب، هي سُنَّة الله في عقاب الطغاة من الأمم السابقة، كما حدث لآل فرعون ﴿ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ فقد ﴿ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾ الواضحة ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴾: أي فعاجَلهم اللهُ بالعقوبة بسبب تكذيبهم وعِنادهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾.
• الآية 53، والآية 54: ﴿ ذَلِكَ ﴾ العذاب الذي أصابَ الأمم الكافرة الظالمة، ﴿ بِأَنَّ ﴾ أي بسبب أنّ ﴿ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا ﴾ أي لم يَكُنْ مِن سُنَّتِهِ تعالى في خَلقه أن يكونَ مُغَيِّراً ﴿ نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ ﴾ ولا أن يَسلبها منهم ﴿ حَتَّى يُغَيِّرُوا ﴾ هم ﴿ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ ويكونوا هم البادئين بالتكذيب والظلم، أو الفسوق والفجور، ﴿ وَأَنَّ ﴾: أي وذلك العذاب كانَ أيضاً بسبب أنّ ﴿ اللَّهَ سَمِيعٌ ﴾ لأقوال عباده ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بأفعالهم، فلذلك كان الجزاءُ عادلاً لا ظلمَ فيه.
• ثم يُخبرُ تعالى بأنّ شأنَ الظالمين في تغيير نعمة اللهِ عليهم واستحقاقهم للعذاب، هو ﴿ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ فقد ﴿ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ ﴾ بعدما تيَقنوا أنها من عند الله، وتكَبَّروا عن الانقياد لها ﴿ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ ﴾ ﴿ وَكُلٌّ ﴾ مِن المُهلَكين المُعذَّبين ﴿ كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ لعباد اللهِ تعالى، وظالمينَ لأنفسهم بتعريضها لِغضب اللهِ وعذابه.
• الآية 55، والآية 56: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ ﴾: يعني إنَّ شر ما دَبَّ على الأرض ﴿ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ - مَنزِلةً - هم ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ والسبب في ذلك: ﴿ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: أي فهم لا يصَدِّقونرُسُلَ اللهِ تعالى، ولا يُقِرُّون بوحدانيته، بسبب عِنادهم واتِّباعهم لأهوائهم، مِن بعد ما تبين لهم الحق، فبذلك صاروا شرَّ الدوابّ.
• ومِن هؤلاء الكفار: اليهود ﴿ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ﴾: أي الذين أخذتَ منهم عهداًبألاَّ يُحاربوك وألاَّيُعينوا عليك أعدائك، ﴿ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ﴾ ﴿ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ ﴾ أي لا يَخافون عاقبة نقض المعاهدات والتلاعُب بها.
• الآية 57: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ﴾: يعني فإن واجهتَ هؤلاء الناقضين للعهود في المعركة، وتمكنتَ منهم: ﴿ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ﴾: أي فأنزِلْ بهم مِنالعذاب ما يُدْخِلُ الرعب في قلوب الآخرين ويُشتت جُموعهم؛ ﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾: أي لعلهم يتعظون، فلا يُفَكِّروا في حَربك وقتالك بعد ذلك.
• الآية 58: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ ﴾: يعني وإن خِفتَ - أيها الرسول - ﴿ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً ﴾ ظهرتْ علاماتها واضحةً أمامك: ﴿ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾: أي فاطرح تلك المعاهدة، مُلغِياً لها، مُعلِناً ذلك لهم، لِيَكونالطرفان - أنتم وهم - مُسْتوِيَيْن في العِلم بإلغاء المعاهدة، وذلك حتى لا يتهموك بالغدر والخيانة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾.
[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

رامي حنفي محمود

قصايد
08-01-2021, 07:15 AM
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-5Y/VsCA2Oto44I/AAAAAAAAGNg/-WI2k7c-YOE/s1600/245729.gif

حلا ليالي
08-01-2021, 08:14 AM
جزاك الله كل خير
و بارك الله فيك

عيسى العنزي
08-01-2021, 11:26 AM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

اناقه جنوبيه
08-01-2021, 01:00 PM
بإنتظار القادم بشوق
كل الود لروحك

حور
08-01-2021, 04:49 PM
جزاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَسنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِـي الْدُنَيــا وَالْآخــــــرَّة
وَأَجْزَل لَك الْعَـــــــطـاء

عابر سبيل
08-02-2021, 12:34 PM
نزف القلم

أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر كل هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://upload.3dlat.com/uploads/136182293111.gif

أبو محـمد
08-02-2021, 09:03 PM
بارك الله فيكم ولجهودكم
باقات من الشكر والتقدير
وجزاكم الفردوس الاعلى ان شاء الله
وجعله في ميزان حسناتكم
لكم تقديري واحترامي

أبو محـمد
08-02-2021, 09:03 PM
بارك الله فيكم ولجهودكم
باقات من الشكر والتقدير
وجزاكم الفردوس الاعلى ان شاء الله
وجعله في ميزان حسناتكم
لكم تقديري واحترامي

عواد الهران
08-07-2021, 07:42 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

imported_ريآن
09-03-2021, 10:01 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان