توت احمر
08-22-2021, 04:05 PM
-
من عادة البشر أن تَحيك الأساطير حول ما يُخيفُها، وما يَخفى عنها؛ لأسباب تكوينية نفسية. ولكل مجتمع هواجسه الخاصة المستمدة من حياته وبيئته.
ففي شرق آسيا، تراها تدور حول البراكين والزلازل، ولمن يسكن سواحل المحيطات تجدها حول الحيتان والقروش. وفي غالبية جزيرتنا العربية، كان الهاجس الأكبر هو الذئب، الذي جمع بين التهديد وخفاء كثير من تفاصيل حياته.
حيكَت حول خافي حياته الأساطير، وضُربت بما اتضح من جوانبها الأمثال، فيقال: "فلان ذيب" أو "خلك ذيب". ولو استعرضنا صفات الذئب لوجدنا الانتهازية، والغدر، والعبث، والمكر؛ لذلك أقول: "ما نيب ذيب".
هجماته عادةً ناجحة؛ بسبب عيشه في قطيع؛ لذلك هابه البشر، وخَشِي منه على مصدر غذائه. أصبح ذلك الهاجس بذرة لأسطورة، وسَطرت خيالات البشر الخصبة فروعها، ورسَّخت جذورها أشعارهم، حتى أصبحت حقيقةً لا تقبل جدالًا.
وليَضمن البشر العيش في تلك البيئة الصعبة، كان لا بد من استغلال كل فرصة. أمَا وقد انتقل البشر للعيش في مجتمع مدني مبني على المساواة في الحقوق، فلا حاجة لأكون ذئبًا. يجب أن تُستبدَل عقلية الوفرة مكانَ عقلية الندرة؛ فالموجود يكفي الجميع. وفي حالة كونه لا يكفي الجميع، فهنالك نظام للأولى؛ إمَّا للأول أو لمَن كان أشد حاجةً للخدمة، لا للذيب الذي لا يراعي نظامًا، ولا يبدي احترامًا.
"خلك ذيب" أسلوب حياة، يتضح عندما يستغل شخص فرصة خروج سيارة من موقف، ويتجاهل من ينتظر.
"خلك ذيب" مبدأ أصيل في سلوك من يتجاهل طابورًا، ليصنع له عذرًا ليتقدم على كل من سبقه.
"خلك ذيب" طريقة مجربة وناجحة للحصول على ما تريد، بغض النظر عما يجب.
"خلك ذيب" قاعدة مُبرَّرة إذا لم يتصدَّ لها الكل، بكل ما يستطيع.
"خلك ذيب" تأكيد اجتماعي لترسيخ عادة سيئة، وإعطائها شكلًا مقبولًا.
"خلك ذيب" قاعدة تفتك بقِيَم الدين والأعراف الاجتماعية.
شكرًا أبي؛ علمتني كيف لا أكون ذئبًا.
عفوًا ابني؛ قد تضيع بعض حقوقك لأنك شامخ، وهو خير من أن تحصل على أكثر منها وأنت انتهازي ضعيف.
عذرًا صديقي، لن أتعاون معك للحصول على ما لا تستحقه كأننا قطيع من الذئاب، لمجرد أنك صديقي؛ فمبادئي أكبر.
تنامي هذه الانتهازية في المجتمع يخلق هوة بين أفراده، ويزيد عدد متعاطيها، ولن أرضى أن أكون مساهمًا في ذلك، وسأحارب كل ذئب في مجتمعي البشري؛ فهل لا يزال البعض يريد أن تكون ذئبًا ..؟!
:
مما رآق ليّ
لـ الكآتب الصحفي ../ فهد بن جابر ..!
من عادة البشر أن تَحيك الأساطير حول ما يُخيفُها، وما يَخفى عنها؛ لأسباب تكوينية نفسية. ولكل مجتمع هواجسه الخاصة المستمدة من حياته وبيئته.
ففي شرق آسيا، تراها تدور حول البراكين والزلازل، ولمن يسكن سواحل المحيطات تجدها حول الحيتان والقروش. وفي غالبية جزيرتنا العربية، كان الهاجس الأكبر هو الذئب، الذي جمع بين التهديد وخفاء كثير من تفاصيل حياته.
حيكَت حول خافي حياته الأساطير، وضُربت بما اتضح من جوانبها الأمثال، فيقال: "فلان ذيب" أو "خلك ذيب". ولو استعرضنا صفات الذئب لوجدنا الانتهازية، والغدر، والعبث، والمكر؛ لذلك أقول: "ما نيب ذيب".
هجماته عادةً ناجحة؛ بسبب عيشه في قطيع؛ لذلك هابه البشر، وخَشِي منه على مصدر غذائه. أصبح ذلك الهاجس بذرة لأسطورة، وسَطرت خيالات البشر الخصبة فروعها، ورسَّخت جذورها أشعارهم، حتى أصبحت حقيقةً لا تقبل جدالًا.
وليَضمن البشر العيش في تلك البيئة الصعبة، كان لا بد من استغلال كل فرصة. أمَا وقد انتقل البشر للعيش في مجتمع مدني مبني على المساواة في الحقوق، فلا حاجة لأكون ذئبًا. يجب أن تُستبدَل عقلية الوفرة مكانَ عقلية الندرة؛ فالموجود يكفي الجميع. وفي حالة كونه لا يكفي الجميع، فهنالك نظام للأولى؛ إمَّا للأول أو لمَن كان أشد حاجةً للخدمة، لا للذيب الذي لا يراعي نظامًا، ولا يبدي احترامًا.
"خلك ذيب" أسلوب حياة، يتضح عندما يستغل شخص فرصة خروج سيارة من موقف، ويتجاهل من ينتظر.
"خلك ذيب" مبدأ أصيل في سلوك من يتجاهل طابورًا، ليصنع له عذرًا ليتقدم على كل من سبقه.
"خلك ذيب" طريقة مجربة وناجحة للحصول على ما تريد، بغض النظر عما يجب.
"خلك ذيب" قاعدة مُبرَّرة إذا لم يتصدَّ لها الكل، بكل ما يستطيع.
"خلك ذيب" تأكيد اجتماعي لترسيخ عادة سيئة، وإعطائها شكلًا مقبولًا.
"خلك ذيب" قاعدة تفتك بقِيَم الدين والأعراف الاجتماعية.
شكرًا أبي؛ علمتني كيف لا أكون ذئبًا.
عفوًا ابني؛ قد تضيع بعض حقوقك لأنك شامخ، وهو خير من أن تحصل على أكثر منها وأنت انتهازي ضعيف.
عذرًا صديقي، لن أتعاون معك للحصول على ما لا تستحقه كأننا قطيع من الذئاب، لمجرد أنك صديقي؛ فمبادئي أكبر.
تنامي هذه الانتهازية في المجتمع يخلق هوة بين أفراده، ويزيد عدد متعاطيها، ولن أرضى أن أكون مساهمًا في ذلك، وسأحارب كل ذئب في مجتمعي البشري؛ فهل لا يزال البعض يريد أن تكون ذئبًا ..؟!
:
مما رآق ليّ
لـ الكآتب الصحفي ../ فهد بن جابر ..!