نزف القلم
08-28-2021, 10:56 PM
لليقين آثار كثيرة وثمرات عظيمة في حياة العبد ومعاده ، ومن تلك الثمرات ما يلي :
1- اليقين من أعظم أسباب حياة القلب وطمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ، فاليقين يزيل الريب والشك والسخط ، ويملأ القلب نورًاً وإشراقًا ورجاءً وخوفًا من الله ومحبة له ، ورضى بما قدر ، وهو من أسباب زيادة أعمال القلوب كالتوكل والإنابة والخوف والخشية وإحسان الظن بالله تعالى ، ولابد لليقين من علم صحيح يوصل بالخوف والرجاء فهما يدفعان إلى العمل بتحري الإتباع والإخلاص (انظر: مفتاح دار السعادة) .
وتأمل حال خليل الرحمن إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام عندما سأل ربه قائلًا كما أخبر الله تعالى عنه : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " (البقرة: 260) فإبراهيم عليه السلام بسؤاله هذا " أحب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين وأن يرى ذلك مشاهدة " (تفسير القرآن العظيم) فقال الله تعالى له : " أَوَلَمْ تُؤْمِنْ " فأجاب إبراهيم عليه السلام بقوله : " بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " فرضي الله من إبراهيم قوله : " بَلَى"وعلم سبحانه من حال هذا الرسول الكريم أنه يريد زيادة الاطمئنان واليقين ، وإزالة ما قد يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان (تفسير القرآن العظيم) .
فازداد إبراهيم عليه السلام باليقين إيمانًا وقوة حجة وبرهان .
2- اليقين من أعظم أسباب قوة الإيمان وزيادته، وبه تنال الإمامة في الدين ، يقول ابن القيم سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " (السجدة:24 ) (مدارج السالكين) .
كما أن من ثمراته العظيمة قوة التوكل على الله – كما أشرت في الثمرة الأولى - هذا العمل القلبي العظيم ، فكلما ازداد اليقين في نفس العبد قوي توكله ، قال تعالى : " فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " (النمل: 79) والحق هنا هو اليقين كما ذكر ابن القيم رحمه الله (مدارج السالكين ) .
3- اليقين سبب لتوفيق الله لعبده للجواب الصحيح حين سؤال الملكين في القبر – نسأل الله الثبات على الحق – كما أن اليقين سبب لدخول الجنة: فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «...ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، فأوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجال ، يقال : ما علمك بهذا الرجل ؟
فأما المؤمن أو الموقن فيقول : هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا ، هو محمد ثلاثًا ، فيقال نم صالحًا قد علمنا إن كنت لموقنًا به ، وأما المنافق أو المرتاب فيقول : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته» (أخرجه البخاري ومسلم) .
ويشهد لذلك الحديث السابق ذكره وهو قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة»(أخرجه مسلم) وكذلك جاء في سيد الاستغفار قوله صلى الله عليه وسلم : «من قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» (أخرجه البخاري) .
4- اليقين من أعظم الأسباب المعينة على العبادات والقيام بالمشروعات والإقدام على الأمر بالمعروف وإنكار المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ؛ وذلك إن اليقين يمنع ورود الشهوات والشبهات على القلوب ، ويدفع عن النفس ما قد تجده من ثقل أو صعوبة في بعض العبادات ، يقول ابن القيم : " والقلب متى استيقن ما أمامه من كرامة الله وما أعد لأوليائه... زالت عنه الوحشة التي يجدها المتخلفون ، ولان له ما استوعره المترفون " (مفتاح دار السعادة) .
ويقول الحسن البصري : " ما طلبت الجنة إلا باليقين ، ولا هرب من النار إلا باليقين ، ولا صبر على الحق إلا باليقين " (فتح الباري لابن رجب) .
ويقول سفيان الثوري : " لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطارت القلوب اشتياقًا إلى الجنة وخوفًا من النار "(فتح الباري لابن رجب ، وسير أعلام النبلاء) .
5- اليقين من أسباب انشراح الصدر وسلامة النفس من الخوف والقلق والتردد ، فاليقين يعين على الصبر والاحتساب والرضا بالقضاء والقدر ، ويدفع عن القلب الوساوس والخواطر السيئة .
قال تعالى : "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ " (التغابن: 11) فاليقين – كما يقول ابن القيم – من أفضل مواهب الرب لعبده ؛ إذ لا تثبت قدم الرضا إلا على درجة اليقين ، يقول ابن مسعود في تفسير الآية السابقة : " هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من الله فيرضى ويسلم " يقول ابن القيم : " فهذا لم يحصل له هداية القلب والرضا والتسليم إلا بيقينه " (انظر: مفتاح دار السعادة) .
ويقول ابن رجب : " فمن حقق اليقين وثق بالله في أموره كلها، ورضي بتدبيره له ، وانقطع عن التعلق بالمخلوقين رجاء وخوفًا ، ومنعه ذلك من طلب الدنيا بالأسباب المكروهة " (جامع العلوم والحكم) .
وتأمل قصة مسارعة أبي بكر الصديق إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج ، فإن فيها من العبر اليقينية الشيء العظيم ؛ فإنه «لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك ، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه ، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضى الله عنه فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟! قال : نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة ؛ فلذلك سُمي أبو بكر : الصدِّيق»(أخرجه الحاكم في المستدرك ، وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة) .
هذه بعض الثمرات والآثار الحسنة على من تحلى بقوة اليقين ، واعتنى بترقيته ومداومة مراجعته في نفسه .
إنها ثمرات عظيمة فلا تفوتك أخي المسلم ، فالوصول إليها سهل ميسور لمن علم الله منه صدق الإخلاص والمتابعة وتحري الحق .
محمد بن عبد العزيز بن أحمد العلى
1- اليقين من أعظم أسباب حياة القلب وطمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ، فاليقين يزيل الريب والشك والسخط ، ويملأ القلب نورًاً وإشراقًا ورجاءً وخوفًا من الله ومحبة له ، ورضى بما قدر ، وهو من أسباب زيادة أعمال القلوب كالتوكل والإنابة والخوف والخشية وإحسان الظن بالله تعالى ، ولابد لليقين من علم صحيح يوصل بالخوف والرجاء فهما يدفعان إلى العمل بتحري الإتباع والإخلاص (انظر: مفتاح دار السعادة) .
وتأمل حال خليل الرحمن إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام عندما سأل ربه قائلًا كما أخبر الله تعالى عنه : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " (البقرة: 260) فإبراهيم عليه السلام بسؤاله هذا " أحب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين وأن يرى ذلك مشاهدة " (تفسير القرآن العظيم) فقال الله تعالى له : " أَوَلَمْ تُؤْمِنْ " فأجاب إبراهيم عليه السلام بقوله : " بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " فرضي الله من إبراهيم قوله : " بَلَى"وعلم سبحانه من حال هذا الرسول الكريم أنه يريد زيادة الاطمئنان واليقين ، وإزالة ما قد يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان (تفسير القرآن العظيم) .
فازداد إبراهيم عليه السلام باليقين إيمانًا وقوة حجة وبرهان .
2- اليقين من أعظم أسباب قوة الإيمان وزيادته، وبه تنال الإمامة في الدين ، يقول ابن القيم سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " (السجدة:24 ) (مدارج السالكين) .
كما أن من ثمراته العظيمة قوة التوكل على الله – كما أشرت في الثمرة الأولى - هذا العمل القلبي العظيم ، فكلما ازداد اليقين في نفس العبد قوي توكله ، قال تعالى : " فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " (النمل: 79) والحق هنا هو اليقين كما ذكر ابن القيم رحمه الله (مدارج السالكين ) .
3- اليقين سبب لتوفيق الله لعبده للجواب الصحيح حين سؤال الملكين في القبر – نسأل الله الثبات على الحق – كما أن اليقين سبب لدخول الجنة: فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «...ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، فأوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجال ، يقال : ما علمك بهذا الرجل ؟
فأما المؤمن أو الموقن فيقول : هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا ، هو محمد ثلاثًا ، فيقال نم صالحًا قد علمنا إن كنت لموقنًا به ، وأما المنافق أو المرتاب فيقول : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته» (أخرجه البخاري ومسلم) .
ويشهد لذلك الحديث السابق ذكره وهو قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة»(أخرجه مسلم) وكذلك جاء في سيد الاستغفار قوله صلى الله عليه وسلم : «من قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» (أخرجه البخاري) .
4- اليقين من أعظم الأسباب المعينة على العبادات والقيام بالمشروعات والإقدام على الأمر بالمعروف وإنكار المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ؛ وذلك إن اليقين يمنع ورود الشهوات والشبهات على القلوب ، ويدفع عن النفس ما قد تجده من ثقل أو صعوبة في بعض العبادات ، يقول ابن القيم : " والقلب متى استيقن ما أمامه من كرامة الله وما أعد لأوليائه... زالت عنه الوحشة التي يجدها المتخلفون ، ولان له ما استوعره المترفون " (مفتاح دار السعادة) .
ويقول الحسن البصري : " ما طلبت الجنة إلا باليقين ، ولا هرب من النار إلا باليقين ، ولا صبر على الحق إلا باليقين " (فتح الباري لابن رجب) .
ويقول سفيان الثوري : " لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطارت القلوب اشتياقًا إلى الجنة وخوفًا من النار "(فتح الباري لابن رجب ، وسير أعلام النبلاء) .
5- اليقين من أسباب انشراح الصدر وسلامة النفس من الخوف والقلق والتردد ، فاليقين يعين على الصبر والاحتساب والرضا بالقضاء والقدر ، ويدفع عن القلب الوساوس والخواطر السيئة .
قال تعالى : "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ " (التغابن: 11) فاليقين – كما يقول ابن القيم – من أفضل مواهب الرب لعبده ؛ إذ لا تثبت قدم الرضا إلا على درجة اليقين ، يقول ابن مسعود في تفسير الآية السابقة : " هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من الله فيرضى ويسلم " يقول ابن القيم : " فهذا لم يحصل له هداية القلب والرضا والتسليم إلا بيقينه " (انظر: مفتاح دار السعادة) .
ويقول ابن رجب : " فمن حقق اليقين وثق بالله في أموره كلها، ورضي بتدبيره له ، وانقطع عن التعلق بالمخلوقين رجاء وخوفًا ، ومنعه ذلك من طلب الدنيا بالأسباب المكروهة " (جامع العلوم والحكم) .
وتأمل قصة مسارعة أبي بكر الصديق إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج ، فإن فيها من العبر اليقينية الشيء العظيم ؛ فإنه «لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك ، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه ، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضى الله عنه فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟! قال : نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة ؛ فلذلك سُمي أبو بكر : الصدِّيق»(أخرجه الحاكم في المستدرك ، وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة) .
هذه بعض الثمرات والآثار الحسنة على من تحلى بقوة اليقين ، واعتنى بترقيته ومداومة مراجعته في نفسه .
إنها ثمرات عظيمة فلا تفوتك أخي المسلم ، فالوصول إليها سهل ميسور لمن علم الله منه صدق الإخلاص والمتابعة وتحري الحق .
محمد بن عبد العزيز بن أحمد العلى