المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثابتون على الحق _ أصحاب الأخدود


بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
09-13-2021, 02:48 AM
الثابتون على الحق (4)



أصحاب الأخدود





الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ؛ ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الْبُرُوج: 9]، نَحْمَدُهُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ، وَالْبَطْشِ الشَّدِيدِ، وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَخْبَارَ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ، الْمُعَذَّبِينَ فِي دِينِهِمْ؛ لِيَقْوَى عَزْمُهُمْ، وَيَذْهَبَ حُزْنُهُمْ، وَيَتَلَاشَى يَأْسُهُمْ، وَيَثْبُتُوا عَلَى دِينِهِمْ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاثْبُتُوا عَلَى دِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَالسَّبَبُ لِنَجَاتِكُمْ وَفَوْزِكُمْ بَعْدَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكُمْ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُف: 43- 44].



أَيُّهَا النَّاسُ: فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ وَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ الْمُكَذِّبِينَ، مِنَ التَّقْتِيلِ وَالتَّشْرِيدِ، وَالْحَرْقِ وَالتَّعْذِيبِ، وَمَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا رُسُوخًا فِي الْحَقِّ، وَشُهْرَةً عِنْدَ الْخَلْقِ، حَتَّى إِنَّنَا لَنَذْكُرُ أَخْبَارَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ بَعْدَ مِئَاتِ السِّنِينَ مِنْ وَفَاتِهِمْ.



وَمِمَّا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ: أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، الَّذِينَ حُرِّقُوا وَهُمْ أَحْيَاءٌ لِتَمَسُّكِهِمْ بِدِينِهِمْ، وَنَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِمْ فِي سُورَةِ الْبُرُوجِ: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الْبُرُوج: 4- 9].



وَمُلَخَّصُ خَبَرِهِمْ أَنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِنَجْرَانَ قَبْلَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُقُودٍ عِدَّةٍ، يَحْكُمُهُمْ مَلِكٌ حِمْيَرِيٌّ يَمَانِيٌّ يَعْتَنِقُ الْيَهُودِيَّةَ، وَأَنَّهُمْ آمَنُوا بِالْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَحَرَّقَهُمْ.



وَأَمَّا سَبَبُ إِيمَانِهِمْ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَلِذَلِكَ قِصَّةٌ مُلَخَّصُهَا: أَنَّ مَلِكَهُمُ الْحِمْيَرِيَّ اتَّخَذَ لَهُ سَاحِرًا، وَكَانَ لِذَلِكَ السَّاحِرِ تِلْمِيذٌ يَتَعَلَّمُ السِّحْرَ عَلَى يَدَيْهِ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الثَّامِرِ، فَإِذَا ذَهَبَ لِتَعَلُّمِ السِّحْرِ مَرَّ بِرَاهِبٍ نَصْرَانِيٍّ يَتَعَبَّدُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي صَوْمَعَتِهِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ مُعْجَبًا بِعِبَادَتِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْغُلَامَ لَزِمَهُ، ثُمَّ اعْتَنَقَ دِينَهُ النَّصْرَانِيَّةَ، وَتَرَكَ دِينَ الْمَلِكِ الْيَهُودِيِّ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ الْغُلَامِ لَمَّا لَزِمَ الرَّاهِبَ كَرَامَاتٍ يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ، فَكَانَ يَسْتَفِيدُ مِنْ ظُهُورِ هَذِهِ الْكَرَامَاتِ عَلَى يَدَيْهِ فِي دَعْوَةِ النَّاسِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ، حَتَّى كَثُرَ الْمُتَنَصِّرُونَ، فَغَضِبَ الْمَلِكُ وَامْتَحَنَ النَّاسَ فِي دِينِهِمْ.



وَأَوْفَى رِوَايَةٍ فِي قِصَّتِهِ وَأَصَحُّهَا: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا، حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: «فَأَمَّا الْغُلَامُ فَإِنَّهُ دُفِنَ، فَيُذْكَرُ أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِصْبَعُهُ عَلَى صُدْغِهِ كَمَا وَضَعَهَا حِينَ قُتِلَ».



نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الْفِقْهَ فِي الدِّينِ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...



الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَة: 281].



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَقَّبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [الْبُرُوج: 10]. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَمِ وَالْجُودِ، قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ».



وَلِلْإِمَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ تَعْلِيقٌ نَفِيسٌ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَهَذَا الْحَدِيثُ كُلُّهُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ لِيَصْبِرُوا عَلَى مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْأَذَى وَالْآلَامِ وَالْمَشَقَّاتِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا؛ لِيَتَأَسَّوْا بِمِثْلِ هَذَا الْغُلَامِ فِي صَبْرِهِ وَتَصَلُّبِهِ فِي الْحَقِّ وَتَمَسُّكِهِ بِهِ، وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ فِي حَقِّ إِظْهَارِ دَعْوَتِهِ، وَدُخُولِ النَّاسِ فِي الدِّينِ، مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ وَعَظِيمِ صَبْرِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّاهِبُ صَبَرَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْحَقِّ حَتَّى نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَمَّا آمَنُوا بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، صَبَرُوا عَلَى الطَّرْحِ فِي النَّارِ، وَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ. وَهَذَا كُلُّهُ فَوْقَ مَا كَانَ يُفْعَلُ بِمَنْ آمَنَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِكِفَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ إِعْزَازَ دِينِهِ وَإِظْهَارَ كَلِمَتِهِ. عَلَى أَنِّي أَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَى الْأَنْبِيَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَأَصْحَابُهُ أَقْوَى أَصْحَابِ الْأَنْبِيَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى؛ فَقَدِ امْتُحِنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالْقَتْلِ وَبِالصَّلْبِ وَبِالتَّعْذِيبِ الشَّدِيدِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَتَكْفِيكَ قِصَّةُ عَاصِمٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِمَا، وَمَا لَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْحُرُوبِ وَالْمِحَنَ وَالْأَسْرِ وَالْحَرْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَقَدْ بَذَلُوا فِي اللَّهِ نُفُوسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَفَارَقُوا دِيَارَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ، حَتَّى أَظْهَرُوا دِينَ اللَّهِ تَعَالَى، وَوَفَوْا بِمَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ اللَّهَ، فَجَازَاهُمُ اللَّهُ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ، وَوَفَّاهُمْ مِنْ أَجْرِ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ بِسَبَبِهِمْ أَفْضَلَ الْإِجْزَاءِ... وَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذَا الْمَلِكِ الْجَبَّارِ الظَّالِمِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ، مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ وَالثَّبَاتِ: أَنَّ الرَّاهِبَ وَالْغُلَامَ عَلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَالْمَنْهَجِ الصِّدْقِ، لَكِنْ مَنْ حُرِمَ التَّوْفِيقَ اسْتَدْبَرَ الطَّرِيقَ» انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.



وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

حلا ليالي
09-13-2021, 06:44 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

نزف القلم
09-13-2021, 08:35 AM
جزاك الله كل خير
لجهودك الطيبة والمباركة
‎وآجزل عليك من عظيم عطآيآه
ويجعل الآجر الاوفر بميزان حسناتكِ
جَعَلَ يومَكِ نُوراً وَسُروراً أن شاء الله
وَجَبآلا مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً
باقات من الشكر والتقدير
على المواضيع الرائعه المفيدة
‎بانتظار جديدك القآدم بكل شووق
نزف القلم

ناطق العبيدي
09-13-2021, 12:28 PM
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

~**~تحياآآآآتي~**~
09-13-2021, 02:01 PM
http://alghaamdi.com/vb/uploaded/90_1281312882.gif



https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
الله يجزاگ الجنه‍
و
ينور قلبگ
بارگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله‍ لما يحبه‍
و
يرضاه‍
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
،،،
https://a.top4top.io/p_1989jxr4e0.gif (https://top4top.io/)
،،،

عابر سبيل
09-14-2021, 02:29 AM
بــتــول

اللهم صل وسلم علي سيدنا وشفيعنا محمد
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://i.pinimg.com/originals/8a/7d/cf/8a7dcf9e42481ceeacab52a571470de2.gif

الجريحه
09-14-2021, 06:45 AM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وأنار الله دربك بالإيمان
يعطيك العافيه على الطرح

عيسى العنزي
09-14-2021, 09:08 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
09-15-2021, 12:40 AM
الجميل هو حضوركم
لي الشرف
اشكركم جزيل الشكر
كل الموووووده والتقدير
http://lh5.google.com/jeo.lahass/R4Q4RtOSKMI/AAAAAAAAABY/gDDYlABjiJc/s400/1188617747vela%20c%20efeito.gif

عواد الهران
09-16-2021, 10:58 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
09-17-2021, 03:49 AM
الجميل هو حضوركم
لي الشرف
اشكركم جزيل الشكر
كل الموووووده والتقدير
http://lh5.google.com/jeo.lahass/R4Q4RtOSKMI/AAAAAAAAABY/gDDYlABjiJc/s400/1188617747vela%20c%20efeito.gif

ابو الملكات
09-17-2021, 08:39 PM
اللهم صلى وسلم على الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم
جزاك الله خير ورحم والديك شكراً على طرحك الكريم

ترااانيم
09-17-2021, 09:00 PM
بوركت جهودك
وسلمت وغنمت بالخير يمناك وجزاك الله خيراا

قصايد
09-22-2021, 05:52 AM
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-5Y/VsCA2Oto44I/AAAAAAAAGNg/-WI2k7c-YOE/s1600/245729.gif

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
09-27-2021, 10:10 AM
الجميل هو حضوركم
لي الشرف
اشكركم جزيل الشكر
كل الموووووده والتقدير

SAMAR
10-09-2021, 10:06 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
10-12-2021, 09:14 PM
اشكركم جزيل الشكر
كل الموووووده والتقدير
http://lh5.google.com/jeo.lahass/R4Q4RtOSKMI/AAAAAAAAABY/gDDYlABjiJc/s400/1188617747vela%20c%20efeito.gif