تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون}


بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
09-21-2021, 12:55 PM
قوله تعالى:﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46].
قوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾ الجملة في محل جرٍّ صفة لـ﴿الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].
ومعنى: ﴿ يَظُنُّونَ ﴾؛ أي: يتيقَّنون ويعلمون، والظن يأتي كثيرًا في القرآن بمعنى اليقين والعلم
كما قال تعالى: ﴿ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ﴾ [التوبة: 118]؛ أي: تيقَّنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه.
وقال تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ﴾ [الكهف: 53]؛ أي: تيقنوا أنهم مواقعوها.
وقال تعالى: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 20]؛ أي: تيقَّنتُ وعلمتُ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ((ألم أُكرِمْك وأُسوِّدْك وأزوجك
وأسخِّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننتَ أنك ملاقيَّ؟
فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتَني))[1].
وإطلاق الظن على اليقين في كلام العرب كثير جدًّا.
قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة:
فقلتُ: لهم ظُنُّوا بألفَيْ مدجَّجٍ ♦♦♦ سَراتُهمُ في الفارسيِّ المُسـرَّدِ[2]

يعني: تيقَّنوا ألفَي مدجج يأتونكم.
وقال الآخر:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم ♦♦♦ وأجعل مني الظنَّ غيبًا مرجَّمَا[3]
﴿ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾؛أي: أنهم سيَلقَون ربَّهم ويقابلونه، ويُحشرون إليه ويُعرضون عليه، وفي هذا إثباتُ
المعاد وملاقاةِ الله عز وجل؛ لأن الله امتدحهم بتيقُّنِهم ملاقاته عز وجل، وفيه دليل على إثبات رؤية المؤمنين
لربِّهم عز وجل يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].
﴿ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾؛ أي: وأنهم إليه وحده راجعون وصائرون في جميع أمورهم في حياتهم
وبعد مماتهم، وبعد بعثهم وقيامهم لله ربِّ العالمين، كما قال تعالى: ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾ [هود: 123]
وقال تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى: 53]
وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6].
أي: إن مرجعهم في دينهم ودنياهم وأخراهم إليه عز وجل، وإليه إيابُهم، وعليه حسابهم
كما قال تعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26].
ولهذا حمَلَهم يقينُهم بملاقاة ربهم ورجوعهم إليه على خوف الله عز وجل وخشيته ومراقبته، والذلِّ
والخضوع له، والانطراح بين يديه؛ رجاءً لثوابه وخوفًا من عقابه، وخفَّف عليهم ذلك فِعلَ الطاعات
ومنَعَهم من اقتراف السيئات، ومنحهم التسلِّيَ في المصيبات، ونفَّس عنهم الكربات
وفي هذا تعريضٌ بالثناء على المؤمنين، وحثٌّ لبني إسرائيل على الاقتداء بهم.
https://mrkzgulfup.com/uploads/163187345862051.gif
الفوائد والأحكام:
1- الإنكار على بني إسرائيل وتقريعهم وتوبيخهم على أمرهم الناسَ بالبرِّ ونسيان أنفسهم
مع علمهم بوجوب امتثال ما يأمرون به، وقيام الحجة عليهم بذلك؛ لقوله تعالى:
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ﴾ [البقرة: 44].
2- الإنكار على من يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، وأن من فعل ذلك مع العلم ففيه
شبهٌ من اليهود، وأن المسؤولية على العلماء أعظم من غيرهم.
3- جهل بني إسرائيل وحمقُهم وسفههم؛ حيث يأمرون الناس بالبر ويَنسَون أنفسهم
لقوله تعالى: ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]، وهكذا يكون حكمُ من سلك طريقهم.
4- الإرشاد إلى الاستعانة على أمور الدين والدنيا بالصبر والصلاة؛ لقوله تعالى:
﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾[البقرة: 45].
5- فضل الصبر والحثُّ على الاستعانة به على أمور الدين والدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ﴾.
6- عظم أثر الصلاة في حياة المسلم، وأنها من أعظم ما يعين على أمر الدين والدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالصَّلَاةِ ﴾.
7- إن الصلاة لكبيرةٌ شاقَّة، وكذا الاستعانة بالصبر والصلاة، إلا على الخاشعين الذين يوقنون
بملاقاة ربهم ورجوعِهم إليه، فهي سهلة يسيرة عليهم؛ لقوله تعالى:
﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46].
وكلٌّ من الصبر والصلاة واجب؛ ولهذا قرَنَ الله بين الصبر والصلاة في أكثرَ من خمسين موضعًا في القرآن الكريم.
8- الترغيب في الخشوع والذل والخضوع لله تعالى بالقلب والجوارح، وأن من كان لله أخشع كان له أطوع.
9- أن من صفات المؤمنين المستعينين بالصبر والصلاة يقينَهم بملاقاة ربهم ورجوعهم إليه، مما يحملهم
على الخوف من الله ومراقبته والحياء منه، ويسهل عليهم القيام بالأعمال الصالحة رجاءً في ثوابه
وخوفًا من عقابه؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: 46].
10-إثبات ملاقاة المؤمنين لله تعالى ورؤيتهم له يوم القيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾.
11- امتداح الله عز وجل للخاشعين والثناء عليهم، وتشريفُهم بإضافة اسمه إلى ضميرهم
في قوله: ﴿رَبِّهِمْ ﴾، وإثبات ربوبية الله تعالى الخاصَّةِ لهم.
12- إثبات القيامة ولقاء الله والرجوع إليه.
https://mrkzgulfup.com/uploads/163187345862051.gif
[1] أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (2968).
[2] انظر "جامع البيان" (1/ 624)، "الأضداد" لابن الأنباري (12)، لسان العرب- مادة "ظن".
[3] البيت لعميرة بن طارق، انظر "جامع البيان" (1/ 624)، "الأضداد" (ص 14)، النقائض (1/ 53).

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم.

أمير الذوق
09-21-2021, 01:29 PM
كل الشكر لكـ على الطرح القيم
الله يعطيكـِ العافيه
دمت كماتحب

حلا ليالي
09-21-2021, 03:43 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

imported_سلمان
09-21-2021, 03:51 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمه

عيسى العنزي
09-21-2021, 05:05 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

imported_ريآن
09-21-2021, 05:13 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

عابر سبيل
09-21-2021, 06:08 PM
بــتــول

ما شاء الله .. تبارك الرحمن في علاه
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر كل هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم

https://upload.3dlat.com/uploads/136182293111.gif

~**~تحياآآآآتي~**~
09-22-2021, 01:49 AM
http://alghaamdi.com/vb/uploaded/90_1281312882.gif



https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
الله يجزاگ الجنه‍
و
ينور قلبگ
بارگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله‍ لما يحبه‍
و
يرضاه‍
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
،،،
https://a.top4top.io/p_1989jxr4e0.gif (https://top4top.io/)
،،،

قصايد
09-22-2021, 06:05 AM
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-5Y/VsCA2Oto44I/AAAAAAAAGNg/-WI2k7c-YOE/s1600/245729.gif

ترااانيم
09-22-2021, 06:52 PM
بوركت جهودك
وسلمت وغنمت بالخير يمناك وجزاك الله خيراا

قصايد
09-23-2021, 02:47 AM
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-5Y/VsCA2Oto44I/AAAAAAAAGNg/-WI2k7c-YOE/s1600/245729.gif

عواد الهران
10-04-2021, 08:32 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
10-06-2021, 09:39 AM
شكرااا لهذا الاطراء العطر
والاعجاب محط تقديري واعتزازي
لكم ودي

SAMAR
10-10-2021, 04:18 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
10-12-2021, 10:40 PM
اشكركم جزيل الشكر
كل الموووووده والتقدير
http://lh5.google.com/jeo.lahass/R4Q4RtOSKMI/AAAAAAAAABY/gDDYlABjiJc/s400/1188617747vela%20c%20efeito.gif

لِين
02-04-2022, 09:44 AM
_


جزاك الله خيراً
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكff1 (8).png .

إيليف
02-07-2022, 07:59 PM
طرح في غايه آلروعه وآلجمال
سلمت آناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
ولاحرمنا جديدك القادم والشيق
ونحن له بالإنتظار