اثير حلم
11-04-2021, 04:55 PM
https://b.top4top.io/p_21343im3b1.jpg
عبدالله البنين
عندما كان يكتب جدي،
وينصحني في الحياة،
أراه واسمعه كثيرا،
كان يحفر في جمجمة الماضي.
ويتغنى به حثيثاً..
ويمقت المستقبل الغائب ويهابه ..
ظناً منه بقيام يوم القيامةَ غدا ..
فأراه دوما على حذر ..
استشعار للقيم النبيلة،
كان يرى الماضي جميلاً جداً،
حتى ولو لم يكن كذلك ..
على الأقل فالماضي،
يذكرهُ بأيام الشباب المنكسر ..
كنتُ أسأله عن تقنية الماضي ورفاهيته،
وأنا مغترٌ بزمن التحضر والعولمة،
لا أرى في ماضي جدي سوى
حياة العدم والخيمة وسراج المازوت،
يطفئهُ بعد ساعة الغسق بقليل،
ويكملُ السهرةَ تحت ضوء القمر ..
لم يكن جدي شاعراً، ولا روائياً،
كي يتغنى ب المساءَ الجميل ..
او بالقمر أو أنجم السماء الفضية ،
بل كان يحتال على الوقتِ،
لتوفيراً لماء المازوت ..
حتى يأتي وقت صلاة العشاء ..
فيصلي، ويلتحف بطانيته العتيقة
وينام عقب الصلاة ..
لم أر في وقت النهار، أكثرَ،
من فأساً يحمله على عاتقه،
وهو يرعى ويتبع سبع شياه فقط ..
حمداً للرب المجيد لم تأكلها الذئاب
ولم أر أكثر من صرة خبز جافة،
و يغمسها في الماءَ
إذا جاع المسكين ..
كان يحمل الصرة على كتفه تارة،
إذا خرج من الدار ..
وإذا عاد علقها على مرزحٍ العمود الذي
يحمل بُطُنْ سقف بيتنا الصغير ..
ولم أر أكثر من حصوات صغار،
بحجم حبات السبح،
يلتقطها من الأرض،
فيخط خطوطا في الأرض،
ويلعب لعبة بسيطة جداً
مع أجداد آخرين في الطريق،
لعبة تافهة تصيّر على محض المخيلة
والحظ والتسلية ..
كان يحدثني :
وأنا ابن سبع سنين
عن فلسطين،
وجرح فلسطين ،
كنت احسبها فتاةً قُتلتْ،
ورميت من فوق الجبل ..
كان جدي يمقت المستقبل
وينظر إليه بازدراء وخجل ..
وحينما تعلمت خبط الفلسفة، في المدرسةِ
، لم يختلف رأيي :
عن رأي جدي كثيراً،
فليس كل الماضي سيء
ولا المستقبل جميل ..
القدر، يتولى زمام الأمور ..
الأمل يدفعنا دوما نحو الأمام،
من اجل استشراف ما فات في شيء جديد ..
الحاضر مهد طريق المعضلات،
بكفاءة عالية ..
زمزم الواقع يداه، بالعضل،
لكل القيم السامية ..
ليس من الحكمة، رفع لافتات التشائم،
لكنها أُركزت عنوة في طريق الشباب
وفي آفاق سماواتِ أمل واهن،
من يلتفت يمنة ويسرة،
يرى لافتات التشائم والبؤس
تمتطي صهوة قطار،
قطعت أمامه جسد الطرقات ..
وإن كان ثمة أمل
تنبت نبتة الأمل، ضعيفة جداً، بكسل
تشرب ماءً آسناً ..
تبحث عن أكسير الحياة ..
لتعلو على لافتاتِ التعضل ..
كثيرا ما كنت أخشى :
كتابات ونبوءات جدي القديمة،
لم تمت قراءات جدي ولم تمح من عقلي ابداً
عبدالله البنين
عندما كان يكتب جدي،
وينصحني في الحياة،
أراه واسمعه كثيرا،
كان يحفر في جمجمة الماضي.
ويتغنى به حثيثاً..
ويمقت المستقبل الغائب ويهابه ..
ظناً منه بقيام يوم القيامةَ غدا ..
فأراه دوما على حذر ..
استشعار للقيم النبيلة،
كان يرى الماضي جميلاً جداً،
حتى ولو لم يكن كذلك ..
على الأقل فالماضي،
يذكرهُ بأيام الشباب المنكسر ..
كنتُ أسأله عن تقنية الماضي ورفاهيته،
وأنا مغترٌ بزمن التحضر والعولمة،
لا أرى في ماضي جدي سوى
حياة العدم والخيمة وسراج المازوت،
يطفئهُ بعد ساعة الغسق بقليل،
ويكملُ السهرةَ تحت ضوء القمر ..
لم يكن جدي شاعراً، ولا روائياً،
كي يتغنى ب المساءَ الجميل ..
او بالقمر أو أنجم السماء الفضية ،
بل كان يحتال على الوقتِ،
لتوفيراً لماء المازوت ..
حتى يأتي وقت صلاة العشاء ..
فيصلي، ويلتحف بطانيته العتيقة
وينام عقب الصلاة ..
لم أر في وقت النهار، أكثرَ،
من فأساً يحمله على عاتقه،
وهو يرعى ويتبع سبع شياه فقط ..
حمداً للرب المجيد لم تأكلها الذئاب
ولم أر أكثر من صرة خبز جافة،
و يغمسها في الماءَ
إذا جاع المسكين ..
كان يحمل الصرة على كتفه تارة،
إذا خرج من الدار ..
وإذا عاد علقها على مرزحٍ العمود الذي
يحمل بُطُنْ سقف بيتنا الصغير ..
ولم أر أكثر من حصوات صغار،
بحجم حبات السبح،
يلتقطها من الأرض،
فيخط خطوطا في الأرض،
ويلعب لعبة بسيطة جداً
مع أجداد آخرين في الطريق،
لعبة تافهة تصيّر على محض المخيلة
والحظ والتسلية ..
كان يحدثني :
وأنا ابن سبع سنين
عن فلسطين،
وجرح فلسطين ،
كنت احسبها فتاةً قُتلتْ،
ورميت من فوق الجبل ..
كان جدي يمقت المستقبل
وينظر إليه بازدراء وخجل ..
وحينما تعلمت خبط الفلسفة، في المدرسةِ
، لم يختلف رأيي :
عن رأي جدي كثيراً،
فليس كل الماضي سيء
ولا المستقبل جميل ..
القدر، يتولى زمام الأمور ..
الأمل يدفعنا دوما نحو الأمام،
من اجل استشراف ما فات في شيء جديد ..
الحاضر مهد طريق المعضلات،
بكفاءة عالية ..
زمزم الواقع يداه، بالعضل،
لكل القيم السامية ..
ليس من الحكمة، رفع لافتات التشائم،
لكنها أُركزت عنوة في طريق الشباب
وفي آفاق سماواتِ أمل واهن،
من يلتفت يمنة ويسرة،
يرى لافتات التشائم والبؤس
تمتطي صهوة قطار،
قطعت أمامه جسد الطرقات ..
وإن كان ثمة أمل
تنبت نبتة الأمل، ضعيفة جداً، بكسل
تشرب ماءً آسناً ..
تبحث عن أكسير الحياة ..
لتعلو على لافتاتِ التعضل ..
كثيرا ما كنت أخشى :
كتابات ونبوءات جدي القديمة،
لم تمت قراءات جدي ولم تمح من عقلي ابداً