المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد في سورة الإنسان


نزف القلم
11-05-2021, 07:43 AM
تتلاحم السورة بما قبلها، فقد تقرر أن النطفة هي أول مراحل خلق الإنسان، وقبلها لم يكن شيئًا مذكورًا، وهو ما تقرر هنا في مطلع سورة الإنسان: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، نعم، أين كنت أنا قبل أن يولد أبي، وقبل أن يتزوج أبي بأمي؟ لم أكن شيئًا مذكورًا، وإنما كنت في عالم الغيب أو في عالم الذر الذي لا يعلمه إلا الخالق المبدع المنشئ سبحانه.
ولم يخلق الله الإنسان عبثًا ولن يتركه سدًى، وإنما خلقه ليبتليه، ولأنه مبتلى وممتحن ومكلف، فقد جعله سميعًا بصيرًا، والسمع والبصر هما نافذة العقل على العالم الخارجي، وبدونهما لا تكليف ولا ابتلاء ولا امتحان! ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]، والأذن في الإنسان هي آلة السمع التي ترسل موجات الكلام وجرس الأصوات إلى العقل (المخ) عن طريق أوتار (أعصاب) سمعية، ثم العقل، يميز ويحلل ويفند، ويزن ويحكم، ثم يعطي القرار، كل ذلك في أقل من ثانية، والقرار قد يكون صحيحًا صائبًا أو غير ذلك، وكذا العين، تنظر وتجمع ما تراه وتنقله عن طريق أوتار (أعصاب) بصرية إلى العقل (المخ)، ثم تسجل (كما تسجل الأصوات) على خلايا في (المخ)، ثم يترجم ذلك إلى قرارات، وقد تكون تلك القرارات صحيحة صائبة أو غير ذلك، وكما قد يخطئ السمع في التمييز بين الأصوات، فقد يخطئ البصر أيضًا، فقد يرى الإنسان الحزمة عودًا والعود حزمة، كما قد يرى الألوان على غير حقيقتها فيما يسمى بمرض "عمى الألوان"، أو "عشى الألوان"، وفي الحالتين قد يخطئ العقل حسب ما لديه من معلومات نقلت إليه عن طريق السمع أو البصر، وهما آلتان بشريتان محكومتان بقدرات محدودة، وفي حال الخطأ من الذي يصوب خطأ العقل؟ ومن المختص بالقدرات غير المحدودة؟
إن نطاق عمل السمع والبصر هو عالم الشهادة، فماذا عن عالم الغيب؟ إن الذي يصوب خطأ العقل هو الوحي، فهو المنزه عن الخطأ، وإن المختص بالقدرات اللامحدودة هو الوحي، وإن العالم بعالم الغيب والشهادة هو الله عز وجل، لذا كان لا بد من هداية الوحي: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، والهداية نوعان: هداية الدلالة والإرشاد والبيان، وهداية التوفيق، وهي التي لا يملكها إلا الله عز وجل وحده، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]، وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾، يقول القرطبي: (أي بيَّنَّا له سبيل التوحيد بنصب الأدلة عليه، ثم إن خلقنا له الهداية اهتدى وآمن، وإن خذلناه كفر، وجمع بين الشاكر والكفور نفيًا للمبالغة في الشكر، وإثباتها له في الكفر؛ لأن شكر الله تعالى لا يؤدي، فانتفت عنه المبالغة، ولم تنتف عن الكفر المبالغة، فقلَّ شكره لكثرة النعم عليه، وكثر كفره وإن قل مع الإحسان إليه..).
ومن مقتضيات التوحيد: الصبر على قضاء الله والرضا بحكمه، والمفاصلة مع الكفر وأهله: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 24]؛ كما قال له: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [الأحزاب: 1]، وهو أمر بترك طاعة الكافرين، وعدم موافقتهم، فهم في طريق، وأهل التوحيد في طريق لا يلتقيان، وإلى أن يقضي الله بين أهل التوحيد وأهل الكفر، فإن على أهل التوحيد الثبات والصبر مع مداومة الذكر وقيام الليل: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾ [الإنسان: 25- 26]، وليعلم أهل التوحيد أن آخر المطاف هو الفوز والدخول في رحمة الله والنجاة من عذابه: ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإنسان: 31].
د. أمين الدميري

حلا ليالي
11-05-2021, 09:55 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

عيسى العنزي
11-05-2021, 10:39 AM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

SAMAR
11-05-2021, 01:58 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

ترااانيم
11-05-2021, 08:47 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :9-J:

تَنْهِيدَةٌ نآي
11-05-2021, 10:40 PM
**
سلمت كفوفك لطيب الجهد وتميز العطاء
لا حرمنا الله روائع مجهوداتك http://www.q-wda3.com/vb/images/a%20(1).gif/22.png:jn22:

عابر سبيل
11-05-2021, 11:59 PM
نزف القلم

ما شاء الله .. تبارك الرحمن في علاه
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر كل هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://upload.3dlat.com/uploads/136182293111.gif

imported_ريآن
11-06-2021, 09:42 AM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

أبو محـمد
11-06-2021, 12:39 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

قصايد
11-06-2021, 06:09 PM
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ

عواد الهران
11-12-2021, 08:35 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

إيليف
11-17-2021, 04:00 PM
تسلم الايـآدي على روعه طرحك
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
بانتظـآر جــديدك القــآدم
آحتـرآمي لك

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
11-18-2021, 04:55 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه