تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عظمة النبي الكريم


بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
11-12-2021, 05:41 AM
كان المعنى الإنساني قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غزته عوامل الفناء، وانتفض في روحه غبار الموت، وانطمست الحقائق المتصلة بالروح، وخفيت مسالكها عن أعين المبصرين، فبعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - كي يعيد إلى الحياة كرامتها السليبة بإعادة إنسانها إلى صياغته الأولى؛ إذ الفطرة البيضاء النقية من أدران الشيطان، والعقيدة الصافية الخالية من ردغ الشرك، والأخلاق الطاهرة البعيدة عن كلب الأهواء، ولم يفت في عضده ما يلف الحياة من ظلام تنتصر له القوة الغاشمة، ولم يشكك في مبدئه كثرة الساخرين بدينه، ولم يفل شبا عزمه تخاذل العقلاء من بني قومه؛ لأنه كان يحمل في قلبه روح الإيمان الغامر، وفي عقله وعد الله الصادق، وفي يديه طهارة النبوة تمسح على جسد الحياة المتهالك؛ فيعود أشد نضرة وإشراقاً وقوة، لقد كانت حياته - صلى الله عليه وسلم - اختصاراً عميقاً لمفهوم الإنسانية القويم إذا امتلأ بالمعاني الطيبة المتصلة بالله.
لقد مر على الدنيا عظماء لا يحصيهم العدد، وبقيت أعمالهم محدودة بحدود الزمان والمكان، بل كثير منهم ماتت أفكاره بموته أو بموت أصحابه، أو بتغير الزمان والمكان عما كان عليه من البساطة إلى التعقيد، أو من التعقيد إلى البساطة، أو من تسلّط الاستبداد إلى حرية الفكر، أو من حرية الفكر إلى الاستبداد، أو من الملكية إلى الديمقراطية أو العكس؛ لأن هذه العظمة ليست مرتبطة بقوة خالدة لا ينضب معينها، ولا بمصدر إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا بكمال اعتدلت مقوماته، واستقامت طرائقه، وإنما هي مجرد نبوغ ساعد على اكتماله وازدهاره طبيعة الحياة، وحركية المجتمعات، وتطور التاريخ، ويبقى الرجل العظيم الوحيد الذي خلد ذكره، وبقيت حياته طاقة تمد أصحابها بالقوة الحكيمة، والعلم القوي، والرحمة الشاملة، والإنسانية الطاهرة؛ هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، حتى الأنبياء السابقون تجد حياتهم قد طرأ عليها تشويه أهل الديانات؛ فكثرت الافتراءات حتى غيّرت وجه الحقيقة، وما جاء في القرآن عنهم جاء مبيناً القضية الأساسية، قضية التوحيد الخالص في صور قصيرة مركزة تكسبنا فهماً عميقاً لعقيدة الإسلام، ولكنها لا تصور لنا حياة هؤلاء الأنبياء، وكيف يعيشون الحياة، وكيف يتعاملون مع الناس في صغار الأمور وكبارها، وكيف قضوا حياتهم على التفصيل الدقيق الذي يعطي للقدوة معناها العام الشامل، ولم يكن ذلك إلاّ للنبي الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - فقد امتلأت كتب الحديث والسير والتاريخ بذكر حياته العامرة من مبداها إلى منتهاها، وتجلى فيها بوضوح خط سير الدعوة الإسلامية منذ أن كانت هذه الدعوة المباركة بذرة صغيرة حتى أصبحت دوحة عظيمة تمتد جذورها في عمق التاريخ، وتنبسط فروعها لتظلل العالم كله.
وتبين لكل إنسان أن سر العظمة في شخصية النبي الكريم يكمن في إنسانيته الراقية، وعقيدته الصحيحة، وأخلاقه الكاملة، وشجاعته البالغة، وحنكته السياسية، وتخطيطه العسكري، ومعرفته بدقائق النفوس الإنسانية، وكيفية إدارة العقول، وتفجير طاقتها الكامنة، والعمل الدؤوب، وعدم الركون إلى زهرة الحياة الدنيا، والانخداع الفاضح بزخرف الأرض، وما تمليه على إنسانها البائس الخانع، وأخذ النفس بكمالات الأمور مع مراعاة أحوال الناس، وتقدير أوضاعهم البشرية، وقدراتهم المحدودة، ونفسياتهم المتغيرة، ودنياهم المتبدلة، فكان دائم التحذير من الغلو والتشدد، والحض على التزام الوسطية التي تناسب أحوال الناس في شؤونهم جميعها، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إياكم والوصال. مرتين، قيل: إنك تواصل، قال: إني أبيت يطعمني ربي ويسقين، فاكلفوا من العمل ما تطيقون))، وفي صحيح ابن خزيمة عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان لنا حصير نبسطه بالنهار، ويتحجره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فيصلي فيه، فتتبع له ناس من المسلمين يصلون بصلاته فعلم بهم، فقال: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا))، وكان أحب الأعمال إليه ما ديم عليه وإن قل، وكان إذا صلى صلاة أثبتها".
وإن سر العظمة في شخصية النبي الكريم يكمن في كونها شخصية محيطة بالحياة، لا تغفل عن جزئياتها الدقيقة المعقدة، ولو ظنها الغافلون عبثاً لا طائل تحته، ولغواً لا كنز فيه؛ لأنهم لم يلمسوا المعنى الحقيقي لهذه الحياة من أكبر كبير فيها إلى أصغر صغير؛ فليس هناك ما هو عبث أمام العين المنتبهة، والقلب الحساس، وكل ما في الكون له دلالة على وحدانية الله، وكل ما في الأنفس وما ينتج عنها يبرهن على ألوهية الله، وكم كانت صغائر الحياة وأشياؤها التافهة هي باب اكتشاف عظائم الحياة وأشيائها الثمينة، وما على المؤمن الحق إلاّ أن يبحث وينظر.
وإن سر العظمة في شخصية النبي الكريم يتمثل في صلاحيته ليكون القدوة الكاملة في كل زمان ومكان؛ في عمق إيمانه، وصدق لهجته، وطيب أخلاقه، وفصاحة كلامه، وسهولة منطقه، وبساطة حياته، وثراء عمله، وتمام منهجه، وعبقرية خبرته، وذكاء سياسته، وصلاح بيته، وتوازن دعوته، ووسطية دينه.. لقد نصر الأخلاق بالامتثال الصارم، وأوضح الدين بالعمل الصائب، ونظم الحياة بالقدوة الصالحة، ولم يلتفت إلى الخارج إلاّ بعد أن طوّع الداخل لإرادته الجازمة، وكان له من الله عون عاضد يحفظه من وساوس الحياة، ويحوطه من أمنيات الشيطان، فكان بحق الإنسان المسلم القدوة الكامل في حياة لا تعيش إلاّ على النقص، ولا تصلح أمورها عند أهلها إلاّ بما يفسدها!
إنك لو تأملت عظماء الرجال في الشرق والغرب لوجدتهم يكملون في جانب كما لا يناسب الحال التي يعيشونها، ثم لا تجد شيئاً ذا بال في غير هذا الجانب، بل ربما وجدت نقصاً شديداً في جوانب أخرى لها أهميتها في حياة الناس لا تجد مثله عند العوام، وكتب التراجم مليئة بأمثال هذه المفارقات العجيبة التي دعت المتنبي لقول بيته الشهير:
وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً *** كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَّمامِ
إن العالم اليوم بأسره في أشد الحاجة إلى أن يعرف رسولنا الكريم معرفة دقيقة مفصلة تكشف له عن جوانب عظمته المتسامية، المبنية على القيم العالية، والعقيدة الفذة، والمنهج النافذ، والتصور الكامل للحياة والكون والنفس، لم تعد الحياة بحاجة إلى فلسفة المادة، وكثافة الحس، ورعونة الحضارة؛ فكل ذلك طوع يمينها البائسة، ولكنها محتاجة إلى نقاء القيم الربانية التي تنقذ النفس من رهق الواقع، وتعتق العقل من أغلال العبودية للعمل المادي الصرف، وتأخذ بيد الإنسان لمعرفة قيمة الإنسان باكتشاف أعظم ما فيه، وأعمق ما لديه، دون إغفال للجانب المادي الذي يعضد قانون الاستخلاف في الأرض، في موازنة لا طغيان فيها لجانب على جانب.
إن حياة رسولنا الكريم ليست ترجمة تاريخية سُلب منها طعم السعادة الفاعلة، وخلص صاحبها من مراغة الحياة المتعبة، كلا؛ إنها حياة وجدت في هذا العالم يوماً من الدهر لتكون قانون كل يوم يأتي إلى أن يتم أمر الله في هذه الحياة! وليس في مقدور القرون أن تفعل فعلها في التحنيط والتزيين دون بعث الروح في هذه الترجمة العظيمة؛ لأنها ترجمة شاهدها العظيم، وبانيها الأكبر بين يدينا، يمدنا بأسباب بقائها، ويجعلنا معلّقين بصاحبها إلى قيام الساعة، فصلى الله عليك يا رسول الله وسلم تسليماً كثيراً.

لِين
11-12-2021, 06:12 AM
_



يعطيك الف عافيه ع طرحك المميز
سسلمت ff1 (8).png.

~**~تحياآآآآتي~**~
11-12-2021, 06:37 AM
http://alghaamdi.com/vb/uploaded/90_1281312882.gif



https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
الله يجزاگ الجنه‍
و
ينور قلبگ
بارگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله‍ لما يحبه‍
و
يرضاه‍
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png (https://top4top.io/)
https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif (https://top4top.io/)
،،،
https://a.top4top.io/p_1989jxr4e0.gif (https://top4top.io/)
،،،

حلا ليالي
11-12-2021, 08:21 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

عواد الهران
11-12-2021, 09:00 AM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

ترااانيم
11-12-2021, 03:22 PM

طرح قيم .،
جزاك الله خيرااا على ماقدمت
وبارك فيك وفي جهدك الطيب .،
دمت بخير .،


قصايد
11-12-2021, 07:36 PM
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ

SAMAR
11-12-2021, 07:50 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

عابر سبيل
11-12-2021, 09:40 PM
بــتــول

اللهم صل وسلم علي سيدنا وشفيعنا محمد
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://i.pinimg.com/originals/8a/7d/cf/8a7dcf9e42481ceeacab52a571470de2.gif

عازفة القيثار
11-13-2021, 01:54 AM
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

imported_ريآن
11-13-2021, 01:29 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

أبو محـمد
11-13-2021, 04:12 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

الدكتور على حسن
11-14-2021, 12:05 AM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع غاية فى الروعة
والجمـال والاستفـادة القيمة
ربنا يسعدك ويبارك فيــــــــــــك
يااااااااااااارب
لكم خالص
تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتـــور علـــى

نزف القلم
11-14-2021, 01:22 AM
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء
نزف القلم

عيسى العنزي
11-14-2021, 05:56 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
12-13-2021, 04:03 AM
شكرا لمرروكم الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان موضوعي
فبارك الله فيكم