تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج؟


نزف القلم
11-24-2021, 08:44 AM
عن عبدالله بن شقيق، قال: قلتُ لأبي ذر: لو رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألتُه، فقال: عن أي شيء كنتَ تسأله؟ قال: كنتُ أسأله: هل رأيتَ ربَّك؟ قال أبو ذر: قد سألتُ، فقال: ((رأيتُ نورًا)).
وفي رواية عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل رأيتَ ربك؟ قال: ((نورٌ أنَّى أراه))[1].
فيه مسائل:
المسألة الأولى: معاني الكلمات:
قوله: ((فقال: نور أنى أراه؟)): وفي رواية لمسلم: ((فقال: رأيت نورًا))، قال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نورٌ أنَّى أراه))، هو بتنوين (نور)، وبفتح الهمزة في (أنَّى) وتشديد النون المفتوحة، (وأَراه) بفتح الهمزة، هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات، ومعناه: حجابه نورٌ، فكيف أراه؟ قال الإمام أبو عبدالله المازري: الضمير في ((أراه)) عائد على الله - سبحانه وتعالى - ومعناه: أن النور مَنعنِي من الرؤية، كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالتْ بين الرائي وبينه.
قوله: ((رأيت نورًا))؛ معناه: رأيت النور فحسب، ولم أرَ غيره، قال: ورُوِي: (نُورَانِيٌّ أَرَاهُ) يعني: بفتح الراء، وكسر النون، وتشديد الياء، ويحتمل أن يكون معناه راجعًا إلى ما قلناه؛ أي: خالق النور المانع من رؤيته، فيكون من صفات الأفعال، قال القاضي عياض: هذه الرواية لم تقع إلينا، ولا رأيتها في شيء من الأصول [2].
المسألة الثانية: هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه؟
هذه المسألة الخلاف فيها مشهور قديمًا وحديثًا، وهي من المسائل التي يحتمل فيها الخلاف، فهي من الخلاف السائغ المعتبر؛ فلا يجوز فيها الإنكار؛ وإنما فيها النصح والإرشاد.
وفيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرَ ربَّه في ليلة المعراج، وهو قول جمهور الصحابة؛ منهم: عائشة، وأبو هريرة، وابن مسعود، وإليه ذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو الراجح - والله أعلم - لحديث أبي ذر المذكور في الباب الذي مرَّ معنا، فلما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رؤية ربِّه، قال: ((نورٌ أنَّى أراه؟))، وفي رواية: ((رأيتُ نورًا))؛ يعني: الحجاب؛ فإن الله نور، وحجابه نور - سبحانه وتعالى.
2- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربَّه ليلة المعراج، وهو ثابت عن ابن عباس، وأنس، وإليه ذهب عكرمة، والحسن، والربيع بن سليمان، وابن خزيمة، وكعب الأحبار، والزهري، وعروة بن الزبير، ومعمر، والأشعري، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ورجَّحه النووي؛ مستدلين بقوله - تعالى -: ï´؟ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ï´¾ [النجم: 13].
قلت: والاستدلال بالآية فيه نظر؛ لأن المراد بالرؤية في الآية رؤية جبريل - عليه السلام - وهذا ما قاله قتادة، والربيع بن أنس[3].
3- التوقف في المسألة، وهو قول القاضي عياض، والقرطبي، وهذا القول بعيد؛ لأن القول بأحد القولين أولى؛ لوجود الدليل.
قلتُ: ومن الممكن أن يقال: إن مَن أثبت الرؤية، فهو محمول على الرؤية القلبية، كما هو ثابت عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "رآه بقلبه"، وفي رواية: "رآه بفؤاده مرتين"[4]، وهذا ما رجَّحه ابن حجر، وهو ظاهر كلام ابن تيمية، حيث قال: "والألفاظ الثابتة عن ابن عباس - رضي الله عنه - هي مطلقة، أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه، وتارة يقول: رآه محمدٌ، ولم يثبت عن ابن عباس - رضي الله عنه - لفظ صريح بأنه رآه بعينه"، ورجَّحه أيضًا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وبمثلِه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء[5].
الحكمة من تأخير رؤية الله إلى الآخرة:
قال الشيخ عبدالمحسن العباد - حفظه الله -:
"الرؤية هي النعمة العظيمة، والفائدة الكبيرة، ولم يجعلْها الله لأحدٍ في الدنيا حتى تبقَى غيبًا، وحتى يستعدَّ كل مسلم للظفر بها والحصول عليها، كما أن أمور الآخرة قد أخفاها الله - عز وجل - عن الناس، ولم يُطلِعهم عليها، ولا على ما في الجنة من النعيم، ولما صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس صلاةَ الكسوف، عُرِضت عليه الجنة وهو يصلي بالناس، ورأى عناقيد العنب متدلية، فمدَّ يده ليتناول قطفًا منها، وكان الصحابة وراءه يصلُّون، فرَأَوا يدَه الكريمة تمتد، ولم يروا الذي مُدَّت إليه، ثم إنه عُرِضت عليه النار، فرجع القَهْقَرى ولم يَعرِفُوا لماذا فعل ذلك؟! ولما فَرَغ سألوه عن ذلك، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَدَدتُ يدي لآخذ عنقودًا من العنب، ثم تركتُه، ولو أخذتُه لأكلتم منه ما بقيَتِ الدنيا))، فقد شاء الله - عز وجل- أن تكون أمور الآخرة غيبًا، وألا تكون علانية؛ لأنها لو كانت علانية لم يتميز مَن يؤمن بالغيب ممَّن لا يؤمن بالغيب"[6].
[1] مسلم (178) كتاب الإيمان، الترمذي (3282)، أحمد (21392).
[2] تحفة الأحوذي (3/213).
[3] انظر: تفسير ابن كثير (3/440)، وكذا التحرير والتنوير (27/101).
[4] مسلم ().
[5] انظر: الفتوى الحموية الكبرى؛ لشيخ الإسلام (423 - 425)، تحقيق/ حمد بن عبدالمحسن التويجري، وإتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (10/23)؛ للشيخ صالح آل الشيخ.
[6] في شرحه لسنن أبي داود (1/2).
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

حلا ليالي
11-24-2021, 10:06 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

SAMAR
11-24-2021, 11:17 AM
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

سلسال ورد
11-24-2021, 11:36 AM
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك

imported_ريآن
11-24-2021, 01:00 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

الدكتور على حسن
11-24-2021, 06:36 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع غاية فى الروعة
والجمـال والاستفـادة القيمة
ربنا يسعدك ويبارك فيــــــــــــك
يااااااااااااارب
لكم خالص
تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتـــور علـــى

قمر بغداد
11-24-2021, 07:50 PM
كل الشكر على طرحك الرآئع
وفي انتظار ابداعك القادم بكل شوق
لك وافر التقدير
تقبل مروري المتواضع

عيسى العنزي
11-24-2021, 09:08 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
11-25-2021, 08:09 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه

عواد الهران
11-25-2021, 10:45 AM
ماشاء الله.....تبارك الكريم.

التواجد اصل ,والتفاعل هدف.

الله يعطيك العافيه,ولك الشكر.

نفيد ونستفيد

لِين
11-26-2021, 08:59 AM
_


جزآك الله خيراً
وجُعل م قدم في ميزآن حسنآتك https://www.lyaly-alomr.com/vb/images/smilies/ff1%20(8).png.

سلسال ورد
11-26-2021, 02:03 PM
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك

عابر سبيل
11-26-2021, 07:35 PM
نزف القلم

اللهم صل وسلم علي سيدنا وشفيعنا محمد
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://i.pinimg.com/originals/8a/7d/cf/8a7dcf9e42481ceeacab52a571470de2.gif

قصايد
11-26-2021, 08:51 PM
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-5Y/VsCA2Oto44I/AAAAAAAAGNg/-WI2k7c-YOE/s1600/245729.gif

ساعة الصفر
11-27-2021, 08:11 PM
جزاك الله خيراً
و جعله في ميزان حسناتك
دمت\ ى بسعاده

˛ ذآتَ حُسن ♔
12-24-2021, 11:45 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك