المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التواضع والإغضاء خصلتان محمودتان


سليدا
12-23-2021, 09:35 PM
انْظُرُوا إِلَى سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ وَأَخْلَاقِهِم، هَذَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ قَصَّ اللهُ تَعَالَى فِي القُرْءَانِ الكَرِيمِ قِصَّتَهُ الَّتِي فِيهَا حِكَمٌ كَثِيرَةٌ.

ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَقِيَ مِنْ إِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَهُم عَشَرَةٌ مَا لَقِي، حَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ حَسدًا مِنْهُم لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مَحَبَّةٌ فِي قَلْبِ وَالِدِه لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَحَاسِنِ الأَخْلَاقِ، حَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ ثُمَّ عَدَلُوا عَنِ القَتْلِ إِلَى أَنْ يُلْقُوهُ فِي الجُبِّ أَيِ البِئْرِ فَأَلْقَوهُ فَحَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الهَلَاكِ وَمِنْ أَنْ يُعْطَبَ فِي هَذِهِ البِئْرِ.

ثُمَّ ءَالَ أَمْرُهُم إِلَى أَنَّهُم صَارُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ، صَارُوا يَذْهَبُونَ مِنْ أَرْضِهِم إِلَى مِصْرَ لِيَجْلِبُوا الطَّعَامَ مِنْ شِدَّةِ حَاجَتِهِم إِلَيْهِ، ثُمَّ هُوَ عَرَفَهُم فَلَم يَنْتَقِمْ مِنْهُم بِقَتْلٍ وَلَا قَطْعِ أَطْرَافٍ وَلَا حَبْسٍ فِي السُّجُونِ، وَكَانَ قَدْ عَرَفَهُم وَهُم لَم يَعْرِفُوهُ وَلَكِنْ كَانَ أَمْرُهُ مَعَهُم بَعْدَ عَشَرَاتِ السِّنِينَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِم مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ مَقْدِرَةً عَلَى الانْتِقَامِ مِنْهُم.

ثُمَّ هُم تَابُوا، رَجَعُوا إِلَى الإِسْلَامِ، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِم، لَكِنْ لَا يَكُونُونَ أَهْلًا لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّ النُّبُوَّة لَا يَسْتَأْهِلُهَا إِلَّا مَنْ نَشَأَ عَلَى الخُلُقِ الحَسَنِ، عَلَى الصِّدْقِ، عَلَى الوَفَاءِ، عَلَى الصِّيَانَةِ.

وَهَؤُلَاءِ إِخْوَةُ يُوسُفَ سَبَقَتْ لَهُم هَذِهِ السَّوَابِقُ الخَبِيثَةُ فَلَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُم أَنْ يَنَالَ النُّبُوَّةَ، فَمَنْ قَالَ مِنَ المُؤَرِّخِينَ وَالعُلَمَاءِ (إِنَّهُم صَارُوا بَعْدَ يُوسُفَ أَنْبِيَاءَ فَقَدْ كَذَبَ).

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ فَلَا يَكُونَ مَجْبُولًا عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَلَا مُتَخَلِّقًا بِالكِبْرِ بَلْ يَكُونُ خُلُقُهُ التَّوَاضُعَ، وَفِي ذَلِكَ جَاءَ حَدِيثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ قَالَ (اللهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا أَيْ مُتَوَاضِعًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا أَيْ وَاجْعَلْ ءَاخِرَ أَحْوَالِي فِي الدُّنْيَا التَّوَاضُعَ وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ أَيِ المُتَوَاضِعِينَ)، لَيْسَ مَعْنَى الحَدِيثِ أَنْ لَا يَرْزُقَهُ كِفَايَتَهُ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا فِي القُرْءَانِ بِأَنَّهُ رُزِقَ كِفَايَتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ وَمَعْنَى ﴿فَأَغْنَى﴾ أَيْ أَنَالَهُ كِفَايَتَهُ، فَهَذَا الحَدِيثُ مُتَّفِقٌ مَعَ الآيَةِ.

هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ المَالُ الكَثِيرُ، أَنْفَقَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ تُسَاوِي أَضْعَافَ أَضْعَافِهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ مِنَ المُتَوَاضِعِينَ، كَان يُخفِّفُ صَوْتَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْءَانَ، أَحْيَانًا مَا كَانَ يُسْمِعُ النَّاسَ حِينَ يَغْلِبُهُ البُكَاءُ إِسْمَاعًا جَيِّدًا، وَالَّذِي عَنَاهُ الرَّسُولُ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا بِمَعْنَى المُتَوَاضِعِ، وَمِنْ شَأْنِ المُتَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَلَدّ إِذَا جَادَلَ، إِنَّما يُحَاوِلُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى إِحْقَاقِ الحَقِّ وَإِبْطَالِ البَاطِلِ.

أَمَّا الَّذِينَ يُجَادِلُونَ لِيَتَرَفَّعُوا عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُم فِي خَطَرٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ حُبَّ الجَدَلِ قَدْ يَسُوقُ صَاحِبَهُ إِلَى المَهَالِكِ، قَدْ يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الشَّرِيعَةِ إِلَى البَاطِلِ الصِّرْفِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ، فَعَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَتَوَخَّى إِذَا حَاوَلَ أَنْ يُجَادِلَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ هَمِّهِ إِحْقَاقَ الحَقِّ وَإِبْطَالَ البَاطِلِ وَيَغْلِب نَفْسَهُ مِنْ أَنْ يَتَغَيَّرَ قَصْدُهُ إِلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَنُصْرَةِ رَأْيِهِ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ.

عابر سبيل
12-23-2021, 10:50 PM
سليدا

ما شاء الله .. تبارك الرحمن في علاه
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر كل هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://upload.3dlat.com/uploads/136182293111.gif

˛ ذآتَ حُسن ♔
12-24-2021, 10:54 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

الامير سالم
12-24-2021, 01:00 PM
تسلم الايااادي على روعة الموضوع
و ثقل الله لكم به موازين الحسنات ..
دمتم على ابذاعك المتواصل ..
الله يعطيكم العافية
دامتم و دام لنا تواجدكم وعطائكم الرائع ..
الف شكر لكم مع الاعجاب..
كنت هنا ..

عواد الهران
12-24-2021, 01:01 PM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

حلا ليالي
12-24-2021, 01:16 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

كمرايه
12-24-2021, 03:33 PM
أشكرك علي هذا الطرح الرائع جدا كروعتك
وعلي كل هذا المجهود المميز جدا كتميزك
لا حرمنا الله من حسن ورقي الإختيار
دمتم لنا رمزا للتواصل والعطاء

أبو محـمد
12-24-2021, 06:09 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

imported_فارس
12-24-2021, 11:17 PM
جزاك الله خير

طلة سحابه
12-25-2021, 03:20 AM
http://a-3amry.com/up/uploads/163791518367121.gif (http://a-3amry.com/up/)

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

http://a-3amry.com/up/uploads/163791518390962.gif (http://a-3amry.com/up/)

imported_القبطان
12-25-2021, 09:25 AM
جزاك الله خيرا
وبارك فيـك علام الغيوب
ونفـــس عنــك كـل مكــروب
وثبـت قلبـك علـى دينـه
إنــه مقلـب القلـوب
دمت بحفظ الله ورعايته

لِين
12-25-2021, 11:42 AM
_


جزاك الله خيراً
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك.

الدكتور على حسن
12-25-2021, 04:55 PM
تحياتى وتقديرى
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع غاية فى الروعة
والجمـال والاستفـادة القيمة
ربنا يسعدك ويبارك فيــــــــــــك
يااااااااااااارب
لكم خالص
تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتـــور علـــى

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
12-26-2021, 01:02 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه

imported_ريآن
12-29-2021, 06:05 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

عيسى العنزي
01-01-2022, 11:48 AM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

إيليف
01-04-2022, 08:09 AM
جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ