imported_القبطان
12-25-2021, 05:51 AM
♦ عن عبدالله بن مغفَّل رضي الله عنه قال: قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، والله إني لَأُحِبُّك، فقال: ((انظر ماذا تقول!))، قال: والله إني لأحبك، ثلاث مرات، فقال ((إن كنتَ تحبُّني فأَعِدَّ للفقر تجفافًا؛ فإن الفقر أسرع إلى من يحبُّني من السيل إلى منتهاه))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
♦ وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسل على حصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذْنا لك وطاءً! فقال: ((ما لي وللدنيا؟! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ.
♦ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الفقراءُ الجنةَ قبل الأغنياء بخمسمائة عام))؛ رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
♦ وعن ابن عباس وعمران بن الحصين رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اطلَعتُ في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعتُ في النار فرأيتُ أكثر أهلها النساء))؛ متفق عليه من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضًا من رواية عمران بن الحصين.
♦ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قمتُ على باب الجنة، فكان عامَّةُ من دخلها المساكين، وأصحابُ الجِدِّ محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أُمِر بهم إلى النار))؛ متفق عليه.
♦ وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أصدقُ كلمةٍ قالها شاعر كلمةُ لبيد:
ألا كلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ بَاطِل... ))؛ متفق عليه.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث ذكرها المؤلِّف رحمه الله تعالى في باب الزهد في الدنيا، منها حديث عبدالله بن مغفَّل رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: والله إني لأُحبُّك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انظر ماذا تقول!))، قال: والله إني لأحبُّك، فردَّدها ثلاثًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن كنتَ تحبُّني فأَعِدَّ للفقر تجفافًا؛ فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه))؛ لأن السيل إذا كان له منتهى وقد جاء من مرتفع، يكون سريعًا.
ولكن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ارتباط بين الغنى ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فكم من إنسان غنيٍّ يحبُّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام، وكم من إنسان فقيرٍ أبغضُ ما يكون إليه الرسولُ عليه الصلاة والسلام، فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الإنسان أشدَّ اتِّباعًا له، وأشدَّ تمسُّكًا بسنته، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
فالميزان هو اتباعُ الرسول عليه الصلاة والسلام، من كان للرسول أَتْبَعَ فهو له أحَبُّ، وأما الفقر والغنى فإنه بيد الله عز وجلَّ.
وكذلك أيضًا من الزهد في الدنيا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من شظف العيش وقلة ذات اليد، حيث كان ينام على الحصير حتى يؤثِّر في جنبه.
فيقال له: ألا نجعل لك وطاءً، يعني فراشًا تطؤه وتنام عليه؟ فقال: ((ما لي وللدنيا؟! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها)).
فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له همٌّ في الدنيا، ولا يبقى عنده مال، بل كله ينفقه في سبيل الله، ويعيش عيشة الفقراء.
ثم ذكر المؤلِّف أحاديثَ في أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء، وأن الفقراء أكثر أهل الجنة؛ وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يُطغيهم، فهم متمسكنون خاضعون.
ولهذا إذا تأمَّلتَ الآيات؛ وجدتَ أن الذين يكذِّبون الرسل هم الملَأُ الأشراف والأغنياء، وأن المستضعَفين هم الذين يتَّبعون الرسول؛ فلهذا كانوا أكثر أهل الجنة، وكانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بتقادير اختلفت فيها الأحاديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمعها أن السير يختلف، فقد يكون السير في عشرة أيام لشخص مُسرِع يسيرُه الآخر في عشرين يومًا مثلًا.
ثم ذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام في كلمة لبيد الشاعر المشهور قال:
((أصدقُ كلمة قالها شاعر كلمةُ لبيد:
ألا كلُّ شيء ما خلا اللهَ باطلُ
كل شيء سوى الله فهو باطل ضائع لا ينفع، وأما ما كان لله، فإنه هو الذي ينفع صاحبَه ويبقى له، ومن ذلك الدنيا، فإنها باطل، كما قال تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، إلا ما كان فيها من ذكر الله وطاعته، فإنه حق وخير.
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الحق يُقبَلُ حتى لو كان من الشعراء، فالحقُّ مقبول من كل أحد جاء به، حتى لو كان كافرًا وقال بالحق فإنه يُقبَل منه، ولو كان شاعرًا أو فاسقًا وقال بالحق فإنه يُقبَل منه.
وأما من قال بالباطل، فقوله مردود ولو كان مسلمًا؛ يعني العبرة بالمقالات لا بالقائلين؛ ولهذا ينبغي على الإنسان أن ينظر إلى الإنسان من خلال فعله لا من شخصه.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 377 - 381
♦ وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسل على حصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذْنا لك وطاءً! فقال: ((ما لي وللدنيا؟! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ.
♦ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الفقراءُ الجنةَ قبل الأغنياء بخمسمائة عام))؛ رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
♦ وعن ابن عباس وعمران بن الحصين رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اطلَعتُ في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعتُ في النار فرأيتُ أكثر أهلها النساء))؛ متفق عليه من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضًا من رواية عمران بن الحصين.
♦ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قمتُ على باب الجنة، فكان عامَّةُ من دخلها المساكين، وأصحابُ الجِدِّ محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أُمِر بهم إلى النار))؛ متفق عليه.
♦ وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أصدقُ كلمةٍ قالها شاعر كلمةُ لبيد:
ألا كلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ بَاطِل... ))؛ متفق عليه.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث ذكرها المؤلِّف رحمه الله تعالى في باب الزهد في الدنيا، منها حديث عبدالله بن مغفَّل رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: والله إني لأُحبُّك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انظر ماذا تقول!))، قال: والله إني لأحبُّك، فردَّدها ثلاثًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن كنتَ تحبُّني فأَعِدَّ للفقر تجفافًا؛ فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه))؛ لأن السيل إذا كان له منتهى وقد جاء من مرتفع، يكون سريعًا.
ولكن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ارتباط بين الغنى ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فكم من إنسان غنيٍّ يحبُّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام، وكم من إنسان فقيرٍ أبغضُ ما يكون إليه الرسولُ عليه الصلاة والسلام، فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الإنسان أشدَّ اتِّباعًا له، وأشدَّ تمسُّكًا بسنته، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
فالميزان هو اتباعُ الرسول عليه الصلاة والسلام، من كان للرسول أَتْبَعَ فهو له أحَبُّ، وأما الفقر والغنى فإنه بيد الله عز وجلَّ.
وكذلك أيضًا من الزهد في الدنيا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من شظف العيش وقلة ذات اليد، حيث كان ينام على الحصير حتى يؤثِّر في جنبه.
فيقال له: ألا نجعل لك وطاءً، يعني فراشًا تطؤه وتنام عليه؟ فقال: ((ما لي وللدنيا؟! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها)).
فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له همٌّ في الدنيا، ولا يبقى عنده مال، بل كله ينفقه في سبيل الله، ويعيش عيشة الفقراء.
ثم ذكر المؤلِّف أحاديثَ في أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء، وأن الفقراء أكثر أهل الجنة؛ وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يُطغيهم، فهم متمسكنون خاضعون.
ولهذا إذا تأمَّلتَ الآيات؛ وجدتَ أن الذين يكذِّبون الرسل هم الملَأُ الأشراف والأغنياء، وأن المستضعَفين هم الذين يتَّبعون الرسول؛ فلهذا كانوا أكثر أهل الجنة، وكانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بتقادير اختلفت فيها الأحاديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمعها أن السير يختلف، فقد يكون السير في عشرة أيام لشخص مُسرِع يسيرُه الآخر في عشرين يومًا مثلًا.
ثم ذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام في كلمة لبيد الشاعر المشهور قال:
((أصدقُ كلمة قالها شاعر كلمةُ لبيد:
ألا كلُّ شيء ما خلا اللهَ باطلُ
كل شيء سوى الله فهو باطل ضائع لا ينفع، وأما ما كان لله، فإنه هو الذي ينفع صاحبَه ويبقى له، ومن ذلك الدنيا، فإنها باطل، كما قال تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، إلا ما كان فيها من ذكر الله وطاعته، فإنه حق وخير.
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الحق يُقبَلُ حتى لو كان من الشعراء، فالحقُّ مقبول من كل أحد جاء به، حتى لو كان كافرًا وقال بالحق فإنه يُقبَل منه، ولو كان شاعرًا أو فاسقًا وقال بالحق فإنه يُقبَل منه.
وأما من قال بالباطل، فقوله مردود ولو كان مسلمًا؛ يعني العبرة بالمقالات لا بالقائلين؛ ولهذا ينبغي على الإنسان أن ينظر إلى الإنسان من خلال فعله لا من شخصه.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 377 - 381