تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ )


إيليف
01-03-2022, 02:58 PM
تفسير قوله تعالى فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ )


ما تفسير قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) ؟ وأي هذين القولين أرجح في تفسيرها ، أن نبي الله سليمان عليه السلام مسح على أعناق الخيل وربت عليها حبا لها ورفقا بها ، والثاني أنه ضرب أعناقها بالسيف ؟


الحمد لله
قال الله عز وجل https://www.atkare.com/images/smilies/frown.gif وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) ص/ 30 – 33
أما المراد بوصف خيول نبي الله سليمان عليه السلام ، بأنها (الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ): فقَالَ مُجَاهِدٌ : " هِيَ الَّتِي تَقِفُ عَلَى ثَلَاثٍ وَطَرَفِ حَافِرِ الرَّابِعَةِ ، وَالْجِيَادُ: السِّرَاعُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ ". انتهى من " تفسير ابن كثير" (7/ 64) .

وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في تفسير قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) : هل المراد بذلك أنه ضرب رقابها ، وعرقب سوقها بالسيف ، لما شغلته عن ذكر ربه ، كما هو المشهور في تفسير الآية عن أهل العلم .
أو المراد : أنه مسحها بيده ؛ حبا لها .
قال القرطبي رحمه الله :
" فِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَقْبَلَ يَمْسَحُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِيَدِهِ ، إِكْرَامًا مِنْهُ لَهَا، وَلِيُرِيَ أَنَّ الْجَلِيلَ لَا يَقْبُحُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا بِخَيْلِهِ ، وَقَالَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ: كَيْفَ يَقْتُلُهَا؛ وَفِي ذَلِكَ إِفْسَادُ الْمَالِ ، وَمُعَاقَبَةُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ؟
وَقِيلَ: الْمَسْحُ ها هنا هُوَ الْقَطْعُ ؛ أُذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهَا.
وقَالَ الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: عَقَرَهَا بِالسَّيْفِ ، قُرْبَةً لِلَّهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُعَاقَبَةً لِلْأَفْرَاسِ ، إِذْ ذَبْحُ الْبَهَائِمِ جَائِزٌ إِذَا كَانَتْ مَأْكُولَةً ، بَلْ عَاقَبَ نَفْسَهُ حَتَّى لَا تَشْغَلَهُ الْخَيْلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الصَّلَاةِ ، وَلَعَلَّهُ عَرْقَبَهَا لِيَذْبَحَهَا ، فَحَبَسَهَا بِالْعَرْقَبَةِ عَنِ النِّفَارِ، ثُمَّ ذَبَحَهَا فِي الْحَالِ ، لِيَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا، أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا فِي شَرْعِهِ ، فَأَتْلَفَهَا لَمَّا شَغَلَتْهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، حَتَّى يَقْطَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَذَا، وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَثَابَهُ بِأَنْ سَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ " .
انتهى باختصار من " تفسير القرطبي " (15/ 195) .
وينظر : " التحرير والتنوير " لابن عاشور (23/ 257) .

واختار القول الثاني ـ أنه مسحها بيده ، حبا لها ـ من المحققين : ابن جرير الطبري ، رحمه الله ، ونقله في تفسيره عن ابن عباس . قال :
" وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية ، لأن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يكن ـ إن شاء الله ـ ليعذب حيوانًا بالعرقبة ، ويهلك مالا من ماله بغير سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها " انتهى .
انظر: " تفسير الطبري " (21/ 195-196)

وتعقبه ابن كثير رحمه الله ، بأنه لا يلزمه من ضرب أعناقها بالسيف ، أن يكون ذلك إفسادا محضا . فقال رحمه الله :
" هَذَا الَّذِي رَجَّحَ بِهِ ابْنُ جَرِيرٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي شَرْعِهِمْ جَوَازُ مِثْلِ هَذَا ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ غَضَبًا لله عز وجل ، بسبب أنه اشْتَغَلَ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَرَجَ عَنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى عَوَّضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَهِيَ الرِّيحُ الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، فَهَذَا أَسْرَعُ وَخَيْرٌ مِنَ الْخَيْلِ .
وقد روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، قالُ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ، فجعل يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: ( إِنَّكَ لَا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ) " انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/ 65) .

وانتصر لهذا القول بقوة أيضا : الشوكاني في تفسيره ، فقال رحمه الله :
" قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَسْحُ هُنَا الْقَطْعُ ، قَالَ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقْبَلَ يَضْرِبُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبَبَ فَوْتِ صَلَاتِهِ ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ ، وَجَائِزٌ أَنْ يُبَاحَ ذلك لسليمان ويحظر فِي هَذَا الْوَقْتِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: الْمُرَادُ بِالْمَسْحِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَسْحُ عَلَى سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا لِكَشْفِ الْغُبَارِ عَنْهَا حُبًّا لَهَا ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أولى بسياق الكلام ، فإنه ذكر أنه آثرها عَلَى ذِكْرِ رَبِّهِ حَتَّى فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ لِيُعَاقِبَ نَفْسَهُ بِإِفْسَادِ مَا أَلْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَمَا صَدَّهُ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَشَغَلَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَاسِبُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْ رَدِّهَا عَلَيْهِ هُوَ كَشْفُ الْغُبَارِ عَنْ سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ بثوبه، ولا متمسك لمن قال: إن إفساد المال لا يصدر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فإن هذا مجرّد استبعاد بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ الْمُتَقَرِّرُ فِي شَرْعِنَا، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي شَرْعِ سُلَيْمَانَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مُبَاحٌ .
عَلَى أَنَّ إِفْسَادَ الْمَالِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي شَرْعِنَا : إِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ إِضَاعَتِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ ، وَأَمَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ ، فَقَدْ جَازَ مِثْلُهُ فِي شَرْعِنَا، كَمَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِكْفَاءِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ إِحْرَاقِ طَعَامِ الْمُحْتَكِرِ " .
انتهى من " فتح القدير " (4/ 495) .
وهو ـ أيضا ـ اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ قال : " لَمَّا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِسَبَبِ الْخَيْلِ ، طَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ، فَعَقَرَهَا كَفَّارَةً لِمَا صَنَعَ " انتهى من " منهاج السنة النبوية " (5/ 231) .
واختاره : تلميذه ابن القيم ، رحمه الله ، كما في " مدارج السالكين " (3/ 48) ، والسعدي في تفسيره (712) ، وابن عثيمين ، وحكاه عن أكثر المفسرين ، كما في " اللقاء الشهري " (39/ 33) بترقيم الشاملة .
وحكى ابن الجوزي الخلاف فيه على ثلاثة أقوال، قال : "والمفسِّرون على القول الأول" ، أي : أنه قطع أعناقها وسوقها بالذبح .
ينظر : " زاد المسير " لابن الجوزي ، (3/ 572) .

والله تعالى أعلم .

حلا ليالي
01-03-2022, 03:05 PM
جزاك الله كل خير
و بارك الله فيك

الــوافــي
01-03-2022, 03:57 PM
*,

جزاك الله خير
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي لك

عواد الهران
01-03-2022, 04:35 PM
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
01-03-2022, 04:55 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه

لِين
01-03-2022, 05:20 PM
_


جزاك الله خيراً
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك.

أبو محـمد
01-03-2022, 08:24 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

عيسى العنزي
01-03-2022, 09:27 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

توت احمر
01-04-2022, 12:58 AM
جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله
ff1 (249).gif

˛ ذآتَ حُسن ♔
01-04-2022, 07:48 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحكك

ترااانيم
01-05-2022, 08:25 AM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك

وجعله في ميزان حسناتك :9-J:

توت احمر
01-05-2022, 03:39 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ff1 (8).png

الدكتور على حسن
01-05-2022, 06:34 PM
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
اللهم اكرمك وأسعدك وبارك فيك
ربنا يجعل كل ما تقدمونه
في موازين حسناتكم
ويجازيك عنا خير الجــزاء
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علــى
http://www.r-eshq.com/vb/images/smilies/rose.gifhttp://www.r-eshq.com/vb/images/smilies/64.gifhttp://www.r-eshq.com/vb/images/smilies/rose.gif

عابر سبيل
01-05-2022, 08:49 PM
بنت النور

ما شاء الله .. تبارك الرحمن في علاه
أشكرك علي هذا الطرح الرائع كروعتك
بارك الله فيك واثابك بقدر كل هذا العطاء
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وكتبه في ميزان حسناتك
تحياتي وتقديري لكم
https://upload.3dlat.com/uploads/136182293111.gif

الجريحه
01-06-2022, 09:50 AM
جزاك الله كل الخير وأثابك
وأجزل الله لك العطاء
طرح تفرد بِ الفائدة
تحياتي لك

طلة سحابه
01-06-2022, 02:45 PM
http://a-3amry.com/up/uploads/163791518367121.gif (http://a-3amry.com/up/)

سبحان من انزل قرانه على نبينا محمد واوضح لنا فيه شعائره وشرائعه

والحمد لله الذي جعل لنا قرانه الكريم وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام لانضيع معها ابدا
وجزاك الله خيـر على هالاضافه
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

http://a-3amry.com/up/uploads/163791518390962.gif (http://a-3amry.com/up/)

imported_ريآن
01-14-2022, 02:48 PM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان