مميز - قصة بائعة اللقيمات

بائعة اللقيمات
قصة حقيقية
حدثت في السودان

كان معلم يُدَرِّس الفصل الثالث ابتدائي فى مدرسه للبنات في مدينة بالسودان تدعى ريفي.

وكان يرى كل يوم خارج الفصل بجانب الشباك فتاة صغيرة تبدو مسكينة وجميله ؛ تكسوها البراءة وتبيع الطالبات (اللقيمات) لامها فى الصباح، بلغت الفتاة سن المدرسه لكنها لم تدخلها بسبب الوضع المادى لأسرتها ، فلديها اربعة اخوه صغار ووالدهم متوفى' وهي تساهم مع امها فى مصاريف معيشتهم ببيع اللقيمات عند المدرسه ، ولتساعد إخوتها بأن يدخلوا المدرسه ويكملوا تعليمهم .

وفي مرة كان هذا المعلم يشرح للطالبات درساً في الرياضيات؛ و بائعة اللقيمات تتابعه من الخارج، ثم سأل الأستاذ الطالبات سؤالاً صعباً وخصص له جائزة، ولم تتمكن أي طالبة من اجابته، وفوجئ المعلم ببائعة اللقيمات تؤشر باصبعها من خارج الشباك وتصرخ :
- استاذ استاذ استاذ !! فأذن لها المعلم بالإجابة؛ وأجابت' وكانت اجابتها صحيحة!!

منذ ذلك اليوم؛ راهن عليها المعلم، فتكفل برعايتها' وبكل ما يلزمها من مصاريف مدرسيه ومن مرتبه ، واقنع مدير المدرسة على ان يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالإختبارات دون دخول الفصل؛ لعدم قدرتها على تحمل كامل مصاريف المدرسة، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعة لتتعلم ولو الشيء البسيط من التعليم، واتفق كذلك مع مدرسي المواد الأخرى' على أن تظل الفتاة تستمع من الشباك إلى كل الدروس من خارج الفصل ، فاجتمعوا على الموافقة على مغامرته واخبر هو والدتها بذلك، وبعد فترة فرض المدرس على الفتاة أن تترك بيع اللقيمات وتتفرغ للتعليم ويتولى احد اخوتها البيع بدلاً منها.
وكانت المفاجاه عندما ظهرت نتائج الإختبارات ، فقد كانت هي الاولى على المدرسة.
وسارت على هذا النهج برعاية المعلم وإشرافه الدائم عليها الى ان أوصلها إلى صف الأول متوسط.

وهنا غادر المعلم السودان للعمل بالخارج ، ولم تكن حينذاك تلفونات لكي يواصل متابعة أخبارها، وقد كبر احد اخوتها وعمل بعربة كارو لبيع الماء ' وراح ينفق على أسرته وعليها، وانقطعت صلتها بالمعلم لمدة اثني عشر عاما.

وبعد هذا الغياب ' عاد المعلم إلى السودان.

وفي ذات يوم دعاه صديق له لزيارة جامعة الخرطوم ليشاهدا ولد صديقه في كلية الطب بالجامعة، واثناء وجودهما في كافتيريا الجامعة مع صديقه لاحظ ان فتاة على قدر من الجمال تحدق فيه بنظرات ثاقبة وقد تغيرت ملامحها لشدة انفعالها ، وهو لا يعلم لم تحدق به بهذا التأثر!!

فسال ابن صاحبه -خفية - إن كان يعرف هذه الفتاة ، فأجابه : نعم بالطبع إنها (بروفيسور) تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة؛ ثم سأل الطالب المعلم :
-هو انت تعرفها يا عمو ؟ قال : لا ولكن نظراتها إلي غريبه!!

وفجأة وبدون مقدمات جرت الفتاة نحوه واحتضنته وعانقته وهي تبكى بحرقة بصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا، وظلت تحضنه لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار، وظن الجميع أنه والدها، وأجهشت بالبكاء حتى أغمي عليها ... ووبعد ان صحت من نوبة الإغماء وتمالكت اعصابها ونظرت إليه وقالت له :
-ألا تذكرني يا أستاذي ؟ انا البنت اللي كانت حطام إنسانه وحضرتك صنعت منها إنسانه ناجحة ، أنا البنت اللي حضرتك كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت اليه وذلك بفضل الله ثم رعايتك واهتمامك وموقفك الإنساني الفريد، انا ابنتك فلانة (بائعة اللقيمات)!!!
ودعته واللذين معه ومجموعة من الزملاء الى منزلها واخبرت امها واخوتها بالأستاذ الإنسان الذي وقف معهم وكان سببا في تغيير مجرى حياتهم.
واحتفلت به الاسرة احتفالا كبيرا وكانت مناسبة فرح كبيرة، وألقى الأستاذ كلمة قال فيها :
- الان فهمت المقولة التي تقول إن المعلمين ورثة الانبياء الان ولأول مرة أحس بالرضا اني معلم وقد اديت بعضا من رسالتي