مميز

مميز (https://www.mmayz.com/index.php)
-   •~ نبضآت إسلآمِيـہ ~• (https://www.mmayz.com/forumdisplay.php?f=34)
-   -   ازهد في الدنيا يحبك الله (https://www.mmayz.com/showthread.php?t=140893)

أبو محـمد 06-02-2021 03:57 PM

ازهد في الدنيا يحبك الله
 
الزهد: هو الإعراضُ عن الشيء, وتَرْكُه, واحتقارُه, والتَّرفُّع عنه؛ لحقارتِه, ودُنوِّ قيمتِه. والزُّهد في الدنيا: هو تَرْكُ التَّعلُّقِ بها لِحَقارتِها, وخِسَّتِها, ولحاجةِ العاقل إلى الانشغال بالآخِرة عنها.



قال ابن القيم -رحمه الله-: "وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنَ التَّزْهِيدِ فِي الدُّنْيَا، وَالْإِخْبَارِ بِخِسَّتِهَا، وَقِلَّتِهَا وَانْقِطَاعِهَا، وَسُرْعَةِ فَنَائِهَا, وَالتَّرْغِيبِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِخْبَارِ بِشَرَفِهَا وَدَوَامِهَا؛ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَقَامَ فِي قَلْبِهِ شَاهِدًا يُعَايِنُ بِهِ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, وَيُؤْثِرُ مِنْهُمَا مَا هُوَ أَوْلَى بِالْإِيثَارِ". ومن الآيات التي تُزهِّد في الدنيا وتُرغِّب في الآخرة؛ قوله -تعالى-: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[الأعلى: 16- 17]؛ وقال -تعالى-: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)[الأنفال: 67].



ومما جاء في تعريف الزُّهد: قولُ ابنِ تيمية -رحمه الله-: "الزُّهْدُ: تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ"، وقولُ ابنِ القيم -رحمه الله-: "الزُّهْدُ: سَفَرُ الْقَلْبِ مِنْ وَطَنِ الدُّنْيَا، وَأَخْذُهُ فِي مَنَازِلِ الْآخِرَةِ"، وقولُ الإمامِ أحمدَ -رحمه الله-: "الزُّهْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: تَرْكُ الْحَرَامِ. وَالثَّانِي: تَرْكُ الْفُضُولِ مِنَ الْحَلَالِ. وَالثَّالِثُ: تَرْكُ مَا يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ".



ويكفي في فضيلة الزُّهد: أنه اختيار نبيِّنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-, وأصحابه -رضي الله عنهم-؛ ولذا نَبَذَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الدنيا وراء ظَهْرِه هو وأصحابه, وصَرَفُوا عنها قلوبَهم, وهجروها ولم يميلوا إليها, عَدُّوها سِجْنًا لا جَنَّة, فزهدوا فيها, ولو أرادوها لنالوا منها كُلَّ محبوب, ولَوَصَلوا منها إلى كلِّ مرغوب, ولكنهم عَلِموا أنها دار عُبور, لا دار سُرور, وأنها سحابةُ صيفٍ تنقشع عن قريب, وخيالُ طَيفٍ ما استتمَّ الزيارةَ حتى آذَنَ بالرحيل.



ولَمَّا جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ, وَأَحَبَّنِي النَّاسُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ, وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ"(رواه ابن ماجه والحاكم). وهذا واقعٌ ملموسٌ؛ فإنَّ الزهد فيما في أيدي الناس مُوجِبٌ لمحبَّة الناس؛ لأنهم يُحبُّون ما في أيديهم, فإذا تركتَ لهم مَحْبوبَهم أحبُّوكَ, وإذا نازَعْتَهم فيه أبْغَضوك.



فمَنْ أراد أنْ يكون عزيزاً بين الناس؛ فَلْيَسْتَغْنِ عنهم, ولا يطلب منهم شيئاً,

ولا يمد يدَه إليهم.

قال الحسنُ -رحمه الله-: "لَا تَزَالُ كَرِيمًا عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ تَتَعَاطَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ؛ اسْتَخَفُّوا بِكَ، وَكَرِهُوا حَدِيثَكَ, وَأَبْغَضُوكَ".



وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ, وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ, فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً, فَقَالَ: "مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا, مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ, ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"(رواه الترمذي). فالمسافر على عَجَلٍ من أمره؛ فينزل تحت شجرة لِيَسْتَرِيح, ولا يَبْنِي تحتها؛ لأنه عمَّا قريبٍ راحل؛ فالنبيُّ -صلى الله عليه وسلم-؛ شبَّه نفسَه في هذه الحياةِ العاجلةِ الفانية؛ كالرَّجُل المُسافِر, ينزل تحت الشجرة يستظل بها, وسُرعان ما يرحل عنها ويدعها.



قال ابن القيم -رحمه الله- مُتَحَدِّثاً عن أقسام الزهد: "الزّهْد أَقسَام: زُهْدٌ فِي الْحَرَام, وَهُوَ فرض عين. وزُهْدٌ فِي الشُّبُهَات, وَهُوَ بِحَسب مَرَاتِب الشُّبْهَة؛ فَإِنْ قَوِيَتْ التحقَتْ بِالْوَاجِبِ, وَإِنْ ضَعُفَتْ كَانَ مُسْتَحبّاً. وزُهْدٌ فِي الفُضول. وزُهْدٌ فِيمَا لَا يَعْنِي من الْكَلَام, وَالنَّظَرِ, وَالسُّؤَالِ, واللقاءِ, وَغَيره. وزُهْدٌ فِي النَّاس. وزُهْدٌ فِي النَّفس بِحَيْثُ تهون عَلَيْهِ نَفسُه فِي الله. وزُهْدٌ جَامِعٌ لذَلِك كُلِّه؛ وَهُوَ الزُّهْد فِيمَا سِوَى الله, وَفِي كلِّ مَا شَغَلك عَنهُ".



عباد الله:

ليس المراد من الزُّهد في المال رَفْضَه؛

فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ"(رواه أحمد). وليس المراد من الزهد أيضاً رَفْضَ المُلكِ والرِّياسة؛ فسليمان وداود -عليهما السلام- كانا من أزهَدِ الناسِ في زمانهما, ولهما من المُلك ما أخبرنا اللهُ به, وكذا قال يوسف -عليه السلام-: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)[يوسف: 101].



وليس من الزُّهد أنْ يكون الرجلُ أشعثَ أغبر, لا يُحسِن ما يلبس؛

فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ". قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا, وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ, وَغَمْطُ النَّاسِ"(رواه مسلم).



وليس من الزُّهد أنْ يُحَرِّمَ المرءُ على نفسِه ما أحلَّه اللهُ له من الطَّيِّبات؛

قال -تعالى-: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ)[الأعراف: 32]. إذِ الحلالُ نِعْمَةٌ من الله على عبده؛ والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أوصانا فقال: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ"(رواه البخاري). وقال أيضًا: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ"(رواه أحمد).




الزُّهد له ثلاث علامات:

أحدُها: أنْ يكون العبد بما في يد الله أوثق منه بما في يده؛ فإنَّ الله ضَمِنَ أرزاقَ عبادِه, وتكفَّل بها, قال -سبحانه-: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[هود: 6].

قال الحسن -رحمه الله-: "إِنَّ مِنْ ضَعْفِ يَقِينِكَ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".



والثاني: أنْ يكون العبدُ -إذا أُصِيبَ بمصيبة في دُنياه؛ من ذهاب مالٍ, أو ولدٍ, أو غيرِ ذلك- أرغبَ في ثواب الله, ممَّا ذَهَبَ منه في الدنيا أنْ يبقى له. قال عليٌّ -رضي الله عنه-: "مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ".



والثالث: أنْ يستوي عند المرء مدحُ الخلق, وذمُّهم, فالكلُّ عنده سواء.

قال ابن مسعودٍ -رضي الله عنه-: "الْيَقِينُ أَنْ لَا تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ".



ويَظُنُّ البعضُ: أنَّ الزهد في الدنيا نَفْيُها بالكلية, والتَّخلُّص من جميع الأموال, والمُمْتلكات,

فهذا فَهْمٌ خاطِئٌ لحقيقةِ الزُّهد ومعناه؛

ولذا قيل لسفيان الثوري: "أَيَكُونُ الرَّجُلُ زَاهِدًا, وَيَكُونُ لَهُ الْمَالُ؟

قَالَ: نَعَمْ, إِنْ كَانَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ, وَإِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ".

وقال ابن القيم: "فَمَتَى كَانَ الْمَالُ فِي يَدِكَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ, لَمْ يَضُرَّكَ وَلَوْ كَثُرَ. وَمَتَى كَانَ فِي قَلْبِكَ ضَرَّكَ, وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِكَ مِنْهُ شَيْءٌ".



النَّفْسُ تَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ *** أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيهَا

لَا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُهَا *** إِلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَبْنِيها

فَإِنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ *** وَإِنْ بَنَاهَا بِشَرٍّ خَابَ بَانِيها

أَمْوَالُنَا لِذَوِي الْمِيرَاثِ نَجْمَعُهَا *** وَدُورُنَا لِخَرَابِ الدَّهْرِ نَبْنِيهَا

كم مِنْ مَدائنَ في الآفاق قد بُنِيَتْ *** أمْسَتْ خَراباً وأفْنَى الموتُ أهلِيها

لا تَرْكَنَنَّ إلى الدُّنيا وما فيها *** فالموتُ لا شَكَّ يَفْنِينا ويَفْنيها

واعْمَلْ لدارٍ غداً رِضْوان خازِنُها *** الجارُ أحمدُ والرَّحمنُ بَانِيها

قُصُورُها ذهَبٌ والمِسْكُ طِينَتُها *** والزَّعفرانُ حَشِيشٌ نابِتٌ فِيها



وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

~**~تحياآآآآتي~**~ 06-02-2021 04:01 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png

الله يجزاگ الجنه‍
و
ينور قلبگ
بارگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله‍ لما يحبه‍
و
يرضاه‍
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png
https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif

،،،
https://a.top4top.io/p_1806d5qf30.gif
،،،

عزف منفرد 06-02-2021 05:09 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
..


جزاك الله خيرا


وجعل ما كتبت فى ميزان حسناتك


وغفر لك ولنا


مودتى



//

رنيم الروح 06-02-2021 05:31 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
سلمت الأيادي على الموضوع
كل الشكر لكم

بنتظار كل جديد ومفيد

ابو الملكات 06-02-2021 05:49 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

قصايد 06-02-2021 08:04 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 

كادي 06-02-2021 09:28 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
جزاك الله كل خير ونفع بك
ورزقك الفردوس الاعلى من الجنه
طرح قييم ورائع بارك الله فيك

حہروفہ خہرسہآء 06-02-2021 10:50 PM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
رائع ما جادت به أناملك
مكنون جميل ..
سلم الجهد ولك الشكر أرتال

SAMAR 06-03-2021 12:08 AM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

:g-5:

imported_سلمان 06-03-2021 04:38 AM

رد: ازهد في الدنيا يحبك الله
 
الله يجزاك كل خير
وان شاء الله تكون في ميزان اعمالك
والله لايحرمك الأجر
يعطيك العافية
على جمال الطرح وقيمته


الساعة الآن 02:02 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, hyyat

الموضوعات المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي كاتبها فقط