مميز

مميز (https://www.mmayz.com/index.php)
-   •~ مميز الحياة الزوجية ~•
(https://www.mmayz.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ (https://www.mmayz.com/showthread.php?t=156268)

عيسى العنزي 09-03-2021 05:46 PM

المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
قال الله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6].
هذهِ قاعدة عامة تجري في العبادات فلا يجوز أن يمنَّ الإنسانُ على ربِّه مستكثرًا عبادتَه {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات:17]، ولا يجدر به أنْ يعط شيئًا من ماله طالبًا به ثوابًا دنيويًا خيرًا منه، وأيضًا لا يسوّغ لك الإحسانُ المنَّ مستكثرًا ما أحسنت به! وهذه القاعدة لها تعلقٌ بموضوعِنا في الحياةِ الزوجيةِ والأُسْريةِ، فكثيرٌ منَ العلاقاتِ البيتيةِ يشوبُها الكدَرُ بسببِ ما يحدثُ منْ مَنٍّ وأذًى، وذلك عندما يَمُنُّ أحدُ الزوجينِ بإعطاءِ الآخَرِ والبذل له أو الإحسان إليه بعمل أو مال، فقد يَمُنُّ الأبُ أو الأمُ علَى أولادِهما بما أعطوهم،

تجدُ أنَّ بعضَ الآباءِ -هداهُم اللهُ- يَمُنُّ علَى أولادِه وعلَى زوجِه، فيقولُ: فعلتُ لكمْ وفعلتُ، وتفضَّلتُ عليكمْ، لا منْ بابِ التذكيرِ و لا منْ بابِ الإقناعِ، بل يذكرُهُ في قائمة مَنٍّ طويلة يستدعيها كلما ساءه شيء! والأخطرُ منْ ذلك والأسوأُ عندما تفعلُه المرأةُ، ويَحْدُثُ هذا منْ بعضِ الزوجاتِ -هداهُنَّ اللهُ- اللاتي قدْ تُعْطِي الواحدةُ منهنَّ زوجَها هديةً، أو تُسَاعِدُهُ في بعضِ أمورِ البيتِ، أو تُسَاعِدُهُ في قضاءِ دينِه، لكنَّها معَ كلِّ أسفٍ تمنُّ عليهِ، وقدْ حذَّرَ الله تعالى منْ ذلكَ في سورةِ البقرةِ فيُقالُ للجميعِ:

{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة:263]، ومعروفٌ أن المنَّ منْ أعظمِ الأذَى النَّفْسِيّ، والأذى النفسيُّ أشدُّ منَ الأذَى الحِسيِّ، وبخاصة إذا صدر ممن حقه أن يكرمك ويدفع الأذى عنك! ويزداد سوءًا عندَمَا يُتحدثُ به أمامَ الآخِرينَ! وبعض الناس من جهله يَمُنُّ بما قدْ يكونُ واجبًا عليه، وهذا من العجب! فإِذَا كانَ وَاجبًا عليهِ! فلا مجال للمنِّ معَ الواجبِ؟ وإنْ كانَ تبرعًا فَلَا ينبغي أن يُفْسِدَهُ بهذا المنِّ، يقولُ اللهُ تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ} الصدقةُ هنَا تبرعٌ ليستْ بواجبٍ {يَتْبَعُهَا أَذًى}.


وقدْ بيّنَ العلماءُ أحكامَ المنِّ وتعدَّدَ ذكرُه في أبوابِ الفِقْهِ، حتى إنَّهم قاُلوا لَو أنَّ رجلًا في البريَّةِ، وفقدَ الماءَ، وحانَ وقتُ الصلاةِ فلمْ يجدْ ماءً فجاءَهَ رجلٌ ومَعَهُ ماءٌ فتبرعَ له بِهِ، ولكنْ أَدْرَكَ المحتاجُ للوضوءِ أنه سَيَمُنُّ عليهِ فقالوا: له أنْ يتيممَ ولا يأخذَ هذا الماءَ لئلا يُصيبَه أذى المنِّ! هذا معَ أنها فريضةُ الصلاةِ العظيمةِ القدرِ، فلا شكَ أن ما يتعلقُ بما هو دونَها أوْلَى بالردِّ.


إن الأذَى بالمنّ مُفسدٌ للأعمالِ ومفسدٌ للقلوبِ، فعلَى أهلِ البيتِ أن يتفطنوا لذلك، وعلى الزوجٍ والزوجة والأولاد أنْ يَنتبِهُوا لهذهِ القاعدة، ويضعوا الآية الكريمة {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} نصب أعينهم.


وعلى النقيضِ من هذه النماذجِ السلبيةِ، هناكَ آباءٌ وأزواجٌ يُحسِنونَ كثيرًا لأزواجِهم ولأولادِهم، ويُشعِرونَهم -وهم صادقون في ذلك- بأنّ أولادهم وأزواجهم همْ أصحابُ المعروفِ عليهم، أحدهم سأل أباه في يومٍ منَ الأيامِ: كيفَ نكونُ أصحابَ المعروفِ وأنتَ المتفضِّلُ وأنتَ الْمُعطِي؟ فقال: لوْ أنَّ واحدًا منكمْ رَدَّ هَديتي أوْ عَطيتي ألَن يُؤَثِّرَ في نفسِي؟ قالوا: بلَى سَيؤَثِّرُ في نفسِكَ. قالَ: إذنْ أنتمْ المتفضِّلونَ عليّ؛ لأنكمْ أحسنتمْ إليَّ وَأَسْعَدْتموني، فقبولُكم لهديتي وعطيتي التي لا يُرجَى من ورائِها إلا وجهَ اللهِ تعالى مفرحٌ لي، فأنا أَشعرُ بالقربِ منْكم، وأشعرُ قبلَ ذلكَ أنه عبادةٌ لربي، وأشعرُ أنَّ هذَا دليلٌ علَى سلامةِ القلوبِ، وأشعرُ أنَّ هذا منْ أسبابِ المحبةِ، ففي الحديث: "تهادُوا تحابُّوا".


أمَّا المنُّ فإنه يَجعلُ الهديةَ سببًا للبغضاءِ بدلًا منْ أنْ تكونَ سببًا للتحابِّ، فلنحذره ولننتبِهْ لنياتِنا وأقوالِنا وأفعالنا، فحتَّى لوْ لمْ يتلفظِ الْمُهدِي والمتفضلُ بعبارةِ المنِّ، فإنَّه قدْ يُشعِرُ الْمُهدَى إليهمْ منْ زوجٍ أوْ ولدٍ بمنِّه مِنْ خِلالِ مشاعرِهِ وتصرفاتِه، فلابدَّ أنْ يَنكشِفَ مَا في القلبِ،

فلْنَحْذِرْ منْ هذَا، ولْنُقدِّم ما نُقدِّمُه بنفسٍ طيبةٍ، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء:4]، والذي يَمُنُّ لمْ يَطِبْ نفسًا إنما فَعَلَ إِكراهًا أوْ منًّا ليتحدث ويستعلي أو أذىً أوْ نحوَ ذلكَ، فلْنَضعْ هذَا الأمرَ نُصبَ أعينِنِا منْ أجلِ ألَّا نُكدِّرَ الحياةَ، ومنْ أجلِ أنْ تصفوَ حياتُنا وتَسْعَدَ وتَستقرَّ.

عواد الهران 09-03-2021 05:47 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

ساعة الصفر 09-03-2021 07:27 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
شكرا لطرحك الراقي
لك كل التقدير
و بانتظار روائع جديدك
ارق التحايا لك

قصايد 09-03-2021 08:48 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
سلمت على هكذا إنفراد وَ تميُز
دام حضورك وَ عطائِك اللا محدود ..!

SAMAR 09-04-2021 12:18 AM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
طرح رائع كروعة حضورك
اشكر ك علي روعة ماقدمت واخترت
من مواضيع رائعه وهامة ومفيدة
عظيم الأمتنان لكَ ولهذا الطرح الجميل والرائع
لاحرمنا ربي باقي اطروحاتك الجميلة

ـــ
تحياتي وعطروردي

قمر بغداد 09-04-2021 08:43 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
سلمت الأيادي على الطرح الرائع
لاعدمنا القاادم بكل شوق وترقب
لكِ كل إحترآمي
مع خالص تقديري

imported_العنود 09-05-2021 05:51 AM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
ابدعت بالطرح
الله يعطيك العافية
تحيتي

ترااانيم 09-05-2021 07:37 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 

؛؛؛
يعطيك العافيه على موضوعك الرائع
شكري وتقديري لمجهودك المتميز
أرق التحايا وأعذبها
؛؛؛
https://mrkzgulfup.com/uploads/163024527936214.gif

حلا ليالي 09-05-2021 10:16 PM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 

الله يعطيك العافيه
سلمت يداك ودام عطائك

عيسى العنزي 09-09-2021 12:10 AM

رد: المنُّ مُفسِدٌ للبيوتِ
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواد الهران (المشاركة 471393)
بارك الله فيك...

جزاك الله خير الجزاء,

ولك الشكر والامتنان,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

شكرا لك على المتابعه
يعطيك العافيه
احترامي


الساعة الآن 12:20 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, hyyat

الموضوعات المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي كاتبها فقط