عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2021, 06:08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
ابن الحته
اللقب:
مميز فضي
الرتبة:
عضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركة
الصورة الرمزية

الصورة الرمزية ابن الحته

البيانات
التسجيل: Dec 2021
العضوية: 5282
المشاركات: 555 [+]
بمعدل : 0.45 يوميا
اخر زياره : [+]
الإتصالات
الحالة:
ابن الحته غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابن الحته المنتدى : •~مميز الشخصيات التاريخية ~•
افتراضي رد: من التاريخ: بداية الوحدة الإيطالية




أنشأ ماتزيني مؤسسة قومية أصبحت فيما بعد تقليدًا سياسيًا منتشرًا في كل الدول الأوروبية والعالم العثماني والعربي للتحرر والوحدة بعد ذلك، هي منظمة «إيطاليا الفتاة» عام 1832 في مدينة جنوى. وعبر «إيطاليا الفتاة» دعا لتوحيد بلاده على أسس قومية ومحاربة التدخل الأجنبي، وصارت مقالاته أداة لإلهاب الرأي العام، خصوصًا في أوساط الشباب الذين وجهوا جزءًا كبيرًا من جهده نحوه لتثبيت الفكر القومي فيه بعدما يئس من ألاعيب الساسة وجيل الكهول في حمل اللواء المنشود.
وبالفعل انتشرت «إيطاليا الفتاة» في كل المدن الإيطالية، وبدأت شبه الجزيرة الإيطالية تموج بالقومية والروح الوطنية في كل ربوعها، ما ساعدها بشكل كبير لاستقبال «الربيع الأوروبي» في عام 1848 بقلوب منفتحة وروح تصبو للوحدة والاستقلال. غير أن المشكلة الحقيقية ظلت تكمن في كون ماتزيني مفكرًا أكثر منه سياسيًا، إذ إنه لم يكن قد وضع الآلية التي من خلالها يمكن أن تتوحد إيطاليا. فقط كانت هناك الفكرة وأسُسها، بينما اختلفت وسائل تنفيذها بين الفرق المختلفة.
في ظل هذه الحقيقة، سعى البابا بيوس التاسع للعب دور الموحّد الإيطالي تحت راية البابوية، فسعى إلى الانخراط مع الحركة الثورية التي اجتاحت أوروبا وإيطاليا بوعود ليبرالية. إلا أنه سرعان ما أدرك خطورة اللعب بأوراق الثورة، وأنه لم يكن بمقدوره السيطرة عليها، فتحول ضدها واتخذ مواقف متشددة من الفكر الليبرالي الذي بات يهدد بابويته ووضعيتها. ولكن الحركات الثورية المختلفة لم يكتب لها النجاح بسبب عدم وجود القيادة الموحدة لتنفيذ الفكرة القومية، فانفرط عقد الثوريين وعادت النمسا للسيطرة على إيطاليا ومحاربة الفكر الثوري رغم سقوط حكم الزعيم الكبير مترنيخ «مهندس» الفكر المحافظ فيها وفي أوروبا. وبما أن للسياسة الخارجية ضوابطها ونواميسها المختلفة عن العقيدة في مناسبات كثيرة، تمكنت الدويلات في إيطاليا من اعتناق فكرة غير قابلة للتنفيذ لغياب الأداة التي يمكن أن تجسد فكر ماتزيني و«إيطاليا الفتاة»، ومن قبلها حركة «الكاربونيري»، وبات كما لو أن الحلم سيتبدد أمام صخور الواقع.
في أي حال كان القدر رحيمًا بإيطاليا، إذ بدأت مملكة بييدمونت بشمال البلاد حمل لواء القومية الإيطالية تحت حكم الملك المستنير فيكتور عمانوئيل (فيتوريو إيمانويله) الثاني الذي تبنى الأفكار الإصلاحية بعد والده، وعيّن شخصية مهمة للغاية بدأت «هندسة» الوحدة الإيطالية. تلك الشخصية كانت الكونت كاميليو كافور، ذلك الرجل الوطني الذي رأى أن تحقيق الوحدة يحتاج إلى السياسة والدهاء والقوة العسكرية والاقتصادية مجتمعين، وهو ما بدأ في تنفيذه بعد استقالته عن منصبه كمهندس في جيش بييدمونت ثم كمؤسس لحركة «إل ريسورجيمنتو» Il Risorgimento (أي البعث أو النهضة) التي جسدت فكرة القومية الإيطالية. ثم بدأ التطبيق العملي لرؤيته أولاً كعضو في البرلمان، ثم بعد ذلك رئيسًا للوزراء، وهو الموقع الذي احتله حتى مماته، باستثناء فترة زمنية قصيرة استقال فيها احتجاجًا على بعض الأمور.
على الفور بدأ كافور وضع الأسس الاقتصادية لقوة بييدمونت من خلال الإصلاحات الواسعة وبناء البنية الأساسية وعقد الاتفاقيات الدولية لتحقيق هدفه، كما بدأ ينظم الجيش ويُدخل الصناعات العسكرية اللازمة لتقويته استعدادًا للمواجهات الحتمية مع النمسا في الوقت المناسب. كذلك سن سلسلة القوانين أهمها «قانون سيكاردي» الذي خلص البلاد من السلطة الروحية للبابا من خلال تقليم أظافر الكنيسة في المملكة وفرض الضرائب عليها وإلغاء امتيازات رجالها، وهو ما وضعه في صراع مباشر مع البابا. إلا أنه لم يأبه لمعرفته بأن الوحدة لن تتم إلا على جثة النفوذ البابوي، خصوصًا أن البابا كان له أجندته وتحالفاتها الخارجية. وواصل الرجل خطته من أجل توحيد شبه الجزيرة الإيطالية تحت حكم بييدمونت (عاصمتها مدينة تورينو) تدريجيًا دون إثارة القلاقل، ومن خلال إدارة سياسة خارجية منطقية وسليمة. وهكذا استعدت إيطاليا من أجل التوحد خلال فترة زمنية قصيرة بتوافر عناصر الفكرة والقيادة والروح الجديدة التي دبت في شبه الجزيرة، كما سنرى في الأسبوع المقبل.


















توقيع : ابن الحته

[img3]https://i.top4top.io/p_21906u9wp1.jpg[/img3]


[img3]https://b.top4top.io/p_2179abrgs1.gif[/img3]

عرض البوم صور ابن الحته   رد مع اقتباس