يا عازف النّاي صوت النّاي أشجاني قل أنت بيتاً و خُذ من آهتي الثّاني ما كِدتَ تنفخ حتّى باح ما أخفَت أنفاس صدرك من حزنٍ..فأبكاني يا عازف النّاي.. شدوٌ ذاك أم نَوح أرَاك تبكي أعزَّ القول و البَوح أَضَعتَ خِلًّا أم الدُّنيا بأكملها أم غارَ فيك إلى أعماقك الجُرح يا عازِفَ النّاي ما أبكاكَ أبكانا تبكي ديارا و أحبابا و جيرانا ودَّعتهم و مرار البُعد مِلءُ فمي والشّوق أوقد في الأحشاءِ نيرانا يا عازِفَ النّاي.. قل للنّاي عن ألمي وصِف سُيولاً جَرَت من أدمُعي و دَمي لعلَّ لحنَكَ يحكي ما أُحِسُّ به فاللَّحنُ أبلغُ تعبيراً من الكَلِم يا ساهِدَ الطَّرْفِ أمسى فيَّ ما أمسى المَوتُ قَاسٍ..لكنَّ هجرهم أقسى أَمَا سألتَ نُجومَ اللّيل كيف مضى ليلٌ على المَرءِ..لا يغفُو و لا ينسَى يا عازِفَ النّاي جَفَّ الدَّمعُ من عيني ظَمَأتُ فابحث في هذا القَفر عن عَينِ لمّا تخافت صوتي في مسامعهم أرسَلتُ أسألُ عن أخبارهم عيني دَارِي جِرَاحَكَ لا يدري بها بشَر و قُل لنفسِك ذا ما شَاءَهُ القَدَر واصبر فإنّ هُمُومَ النّفس تفتِنُها فخيرة الخلق نالوا الخير إذ صَبروا يا غُربَةَ الآه في صدري كم انتفضت و هُم بقُربي فما حَسُّوا و ما شَعَرُوا