تفسير اسماء الله الحسنى/المصور

[ناطق العبيدي]

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المصور
المصور هو المصور للشئ و المميز له عن سواه
فالخلق هو الايجاد و التصوير و التشكل تمام الاختصاص
قال تعالى
ولقد خلقناكم.....الاعراف11
يريد اظهار القدره على الايراد الاول و هو عالم الرتق
ثم قال
صورناكم.......الاعراف 11
لان بين اليوم الاول يوم الايجاد و بين يوم الابراز
مالا يعلم قدره الا الله تعالى
و قال الدكتور محمد بكر اسماعيل
المصور هو الذى خص كل موجود بصوره تميزه عما سواه
فقد اوجد الماده من العدم و كون منها ذاتا مركبه من اجزاء و سوى بين الاجزاء فى التركيب و جعلها معتدله ثم اضفى عليها من محاسن صنعه فصيرها ذات صور خاصه ، لها مميزاتها و سماتهاو بذلك فصل بين الاجناس و الافراد ،فجعل لكل جنس صوره خاصه تميزه عن الجنس الاخرو جعل لكل نوع صورة خاصة تميزه عن غيره ،و جعل لكل فرد من افراد النوع صوره
خاصه تميزه عن غيره
فالمصور من احدث الصوره على اى نحو شاء ،و على اى كيفيه اراد
قال تعالى فى اول سورة ال عمران
هو الذى يصوركم فى الارحام كيف يشاءفان خلق الانسان على هذه الصوره الحسنه السويه ،امر يستحق التامل الطويل والنظر الدؤوب ،و التدبر الامثل من اجل ان يعرف الانسان ربه بأوصافه الكماليه ،فيؤمن به ايمانا ناشئا عن علم وبصيره و يشهد له جل شانه بما شهد به لنفسه فانه حينئذ يكون من اهل العلم و العداله الذين لا ترد شهادتهم فمن نظر ابصر و من ابصر عرف و من عرف وصل الى ملكوته بالتامل و النظرو مجاهدة النفس و الاخلاص له فى القول و العمل ومن كتاب الاسنى فى شرح الاسماء للامام القرطبى
هو من اسماء الافعال لان الله سبحانه و تعالى
هو مظهر صور المصورات فى حكمه على المخلوقات من الاباحة و المنع
قال ابن الحصار
ان هذا الاسم يشعر بجميع الصفات التى لا يتم الفعل الا بها من الاقتدار والعلم والاختيارويتضمن مع ذلك الحكمه البالغه والخبره قبل الايجادالى غير ذلك من الصفات التى يفتقر اليها التصور و الاختراع و التقدير و التصويرو التصوير مرتب على الخلق و البرايه و تابع لها كما تقدم
قال الخطابى
المصور الذى انشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بهاو معنى التصوير التخطيط و التشكيل ،و خلق الله الانسان فى ارحام الامهات ثلاث خلق جعله علقه ، ثم مضغه ، ثم جعله صوره و هو التشكيل الذى يكون به صورة و هيئه يعرف بها و يتميز عن غيره بسمتها فتبارك الله احسن الخالقين
وقال الحليمى
المصور المهيئ لمناظر الاشياء على ما اراده من تشابه او تخالف و الاعتراف بالابداع يقتضى الاعتراف بما هو من لواحقه
فيجب على كل مكلف ان يعلم ان الله هو المصور لجميع الصور،
المتفرد بذلك على الاطلاق و ان العبد وان سمى مصورا باعتبار فمجاز
عن حذيفه بن اسد الغفارى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال اذا مر بالنطفه ثنتان و اربعون ليله بعث الله اليها ملكا فصورها و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها
ثم يقول
اى رب ذكرا ام انثى فيقضى ربك ماشاء و يكتب الملك ثم يقول
يارب اجله فيقول ربك ماشاء و يكتب الملك ثم يقول يارب رزقه فيقضى ربك ماشاء و يكتب الملك ثم يخرج بالصحيفه فلا يزيد على ما امر و لا ينقص
و من كتاب المقصد الاسنى
الامام الغزالى
اسم الله المصور
فهو له من حيث رتب صور الاشياء احسن ترتيب و صورها احسن تصويرو هذا من اوصاف الفعل فلا يعلم حقيقته الا من يعلم صور العالم على الجمله ثم على التفصيل فان العالم كله فى حكم شخص واحد مركب من اعضاء متعاونه على غرض مطلوب منه و انما اعضائه و اجزاؤه ، السماوات والكواكب والارض و ما بينهما من الماء و الهواء و غيرهماوقد رتبت اجزاؤه ترتيبا محكما لو غير ذلك الترتيب لبطل النظام و علم الله بالصور سبب لوجود الصور فى الاعيان و الصور الموجوده فى الاعيان نسأل الله تبارك و تعالى ان يعلمنا من لدنه علما و ان يوفقنا لطاعته و يهدينا الى الصراط المستقيم