: : العين لا تُبصر والأذن لا تطرب الروح توَّاقة لصوت العنادل وخَرير السواقي وحفيف الشجر أُبقيه على عدسة عيني أتخيَّل طَيفه في منامي أُناجيه في أحلامي أستمد منه قوَّتي وآمالي وأمسَحُ بِرَجْع طيفه حرماني وآلامي كلَّما يُذكر الوطن تشعر بأنَّك لاجئ وكلما يُذكر الصبا وأيام الأنس تتذكَّر أنَّك بلا قلب أو أحاسيس أو على الأقل أماكن الإحساس فيك تعطَّلَت الغربة كلمة لا يَعرف معناها إلا من لفحَته نارُها واكتوى بلهيبها فيها تحاول أن توقف الذاكرة لأنها إذا عملَت وبدأت باستعادة الشريط فقدتَ التوازن دائمًا أجفِّف منابع الوهن في المشاعر التي بدأت تَخبو كما ينطفئ السراج في ليلة شاتيَة هي كل ما أملك أن تَبقى مشاعري تجاه الوطن والأهل متَّقدة جسمي معي غير أنّ الرّوح عندكم فالجسم في غربةٍ والرّوح في وطن فليعجب النّاس منّي أنّ لي بدناً لا روح فيه ولي روح بلا بدن أقرأ كثيرًا في أشعار الحبِّ والحنين إلى الوطن حتى أغسلَ الرُّوح من وطأة الغربة ومن وحشة المكان حفظتُ أشعار الوطن، والغربة، والحنين، غنَّيتُها ورويتُها، وجعلت الوطن في قلبي قصيدةً أَبَى لِيَ إِغضاءَ الجُفونِ على القَذَى ...يَقِينيَ أن لا عُسْرَ إِلاَّ مُفرَّجُ أَلا رُبَّما ضاق الفَضاءُ بأهلِه ... وأمكَن مِن بَيْن الأسِنَّةِ مَخرَجُ كم غربة نعيش، فنحن نعيش في غُرُبات وليس غربةً واحدة غربة الوطن وغربة المستقرِّ ثم غربة الأصدقاء أصدقاء الصبا ورفاق الشباب وأقسى غربة هي غربة الدين الحنين من رقة القلب ورقة القلب من الرعاية والرعاية من الرحمة والرحمة من كرَم الفطرة وكرم الفطرة مِن طهارة الرشد وطهارة الرشد من كرَم المحتد يا قلبي لا تحزن ولا تغرق في الظلام.. فالنّور هناك.. قادم.. ها هو .. تكبر هالته أكثر قاوم وكن صادقاً أكثر.. واثقا أكثر.. فلا شيء سينقذك.. إلا حلمك وصدقك وإخلاصك لله ولنفسك وروحك وذاتك أغمض الجفون على القذى ليَغفو الوطن قرير العين أضمُّ الوطن بين ضلوعي، أحمله في قلبي، وبين أهداب عيوني أرسمه نقشًا فسيفسائيًّا وأحوِّل حروفه إلى إلياذَة أترنَّم بها في صُبحي ومسائي يا وطني إلى اجتماع بك عسى أن يكون قريبًا
شكرًا صديقتي العزيزه ff1 (147).gif