لذة الخلوة مع الله

من أعظم أمارات اليقين بالقلب حب الخلوة بالله، وهي علامة على اصطفاء الله لعبده..

و" لاتزالُ بركاتُ الخلوة بالله تتنزّل على العبد حتّى يصل إلى نعيمها ولذّتها، يختلي بالله عزّ وجلّ فيُرزق نعمة السّلامة، ثم تأتيه غنيمَةُ القُرب، ثم يغمرُهُ غيثُ الفهم عن الله سُبحانه، ثم يأتيه نعيم الأنس بالله؛ فلا يعرفُ نعيمًا ولا لذّةً إلا في الخلوة بالله سبحانه."

وتعظم قيمة الخلوة بالله إذا كانت في الأوقات الفاضلة كالثلث الأخير من الليل وآخر ساعة من يوم الجمعة ..

وعمارة الخلوات بالطاعات من أعظم المعينات على الثبات في الفتن والأزمات، فجميل أن تجعل لك عبادة خفاء لا يعلم بها أحد كائن من كان حتى أقرب الناس إليك من ولد وزوجة، وكان بعض الشيوخ يوصي طلابه دومًا بقوله : يا أبنائي إذا أردتم الثبات، فاجعلوا بينكم وبين الله ديوان سر لا يعلمه أحدٌ ألبتة .

ولذا كان من أبواب التزكية العظيمة أن يحرص المرء على ساعة خلوة يومية مع الله، لا يعلم بها أحد، وتكون هذه الخلوة شحن للقلب .

في هذه الخلوة يجدد المرء إيمانه، ويستغفر من ذنبه، ويتدبر سورة بخشوع، ويتضرع إلى الله، ويثني عليه، ويأنس به، حيث يعلم أنه أنيسه .

و( كلما ارتفع الإنسان شأناً احتاج إلى ما يثبته من عبادة الخفاء، فأكثر الأعمدة سقوطاً، من طوله لا يناسب رسوخه في الأرض، فتهوي به أضعف الأهواء ).

ولأن من لم يتلق الأنوار في خلوته لا يستطيع أن يفيض الأنوار في جلوته، فخذ من الله في الخلوة وأعط الخلق في الجلوة.

وإذا كان الإنسان صادقًا مع الله في سره وخلواته طرح الله البركة في قوله وعمله.

د. طلال بن فواز الحسان